فلا تتخذوا الرأي العام حجة ولا الأكثرية دليلاً قاطعاً، فكثيراً ما يكون الحق مع القلّة. لو كان في المستشفى ثلاثة جراحين مختصين قرروا إجراء عملية عاجلة للمريض، وقررت الأكثرية في المستشفى المؤلفة من ثلاثين من الممرضات والممرضين والخدم والفرّاشين تأجيل العملية، هل نأخذ برأي الكثرة ونقول إنه «الرأي العام»، أم نأخذ بقول الأطباء الثلاثة؟
ولو قرر ربان الطيّارة ومساعده الهبوط بها لخلل طرأ عليها أو نقص في وقودها، وأجمع الرأي العام للركاب الثمانين على الاستمرار في الطيران، هل نأخذ برأي الثمانين أم بقرار الاثنين؟
كلا، ليس الرأي العام مقياس الحق، ولا حكم الأكثرية، بل حكم الشرع وحكم العقل. والعقل والشرع صنوان لا يفترقان، ما في الشرع قضية قطعية تنافي قضية عقلية قطعية. ولكن يظهر أن بعض من يدّعي الكلام باسم «الرأي العام» يخالف الشرع والعقل معاً.
ومخالف العقل يقال له في اللغة «مجنون»، فهل تريدون منا أن نناقش مجانين؟
* * *
يا بنتي، أعود فأقول لك: إن المؤامرة والله عليك، وهؤلاء يحفّون بك يتسابقون إليك ويتزاحمون عليك ما دمت شابة جميلة، فإذا كبرت سنك وذوى جمالك نبذوك كما ينبذون قشر برتقالة امتصوا ماءها.