-مع الأسف- قد جعلا همَّهما الأكبر اتخاذ العمائم وإسبال اللحى، وإلباس النساء الأُزُر البيض بدل الملاءات السود!
ثم إنهما دعوا إلى مقاطعة مدارس الحكومة قبل أن يعدّوا مدارس غيرَها، وإلى ترك العلوم الطبيعية ونبذ الأدب والاقتصار على النحو والفقه والحديث والتفسير والتصوف! فكان ذلك سبباً في فشل هذه الدعوة، وكان فشلها سريعاً كما كان نجاحها سريعاً، فكانت كأنها حريق في تل من القش (?).
على أن هذه الوثبة قد أبقت أثرين: أولهما أن العلماء لمّا رأوا هذا النجاح تبدد ما كانوا فيه من اليأس، وعلموا أنهم يستطيعون -إذا شاؤوا- اقتحام الميدان الشعبي، وأن العاطفة الدينية لا تزال أقوى العواطف في صدور العامة من أهل الشام.
والثاني: أن الجماعة التي كوّنتها هذه الوثبة قد اتبعت من بعدُ سبيل الحكمة، وسايرت الزمن من حيث يسير، فاستطاعت أن تنشئ مدارس عدة ثانوية ودينية، وأن يكون تلاميذها في مقدمة الناجحين في البكالوريا في كل دورة.
* * *
لبثت الحال على ذلك إلى أن أُلِّفت في مصر «جمعية الشبان المسلمين»، فكان تأليفها بداية مرحلة جديدة في طريق