أن فيه باباً عنوانه «باب معرفة مرض الطائر من فحص مائه». أي أنهم -من فحص بَول الطائر- يعرفون مرضه! لم يكتفوا بأن عُنُوا بعلم الحيوان عامة وألّفوا فيه الكتب، حتى ألّفوا في هذه الناحية الخاصة من طب الحيوان.
ولم يكن هذا إلا بعد أن أوفَوا على الغاية من العناية بالطب الإنساني. وأنا لست من أهل الاختصاص في الطب، ولكني وقفت خلال مطالعاتي على نصوص عجيبة؛ منها أنني وجدت مرة في «وفيات الأعيان» لابن خَلِّكان أن الحَجّاج مرض مرضاً لم يستطيعوا أن يعرفوا حقيقته ولا سببه، فجاؤوا بإسفنجة صغيرة ربطوها بخيط وجعلوه يبتلعها، ثم استخرجوها ففحصوا عصارته المِعَدية، على مقدار ما كانوا يعرفون يومئذ من أمثال هذه البحوث.
وقرأت في «الأغاني» لأبي الفرج الأصفهاني أنها أُجرِيَت للسيدة سُكَيْنَة بنت الحسين، إحدى عقيلتَي قريش وأجمل نسائها، وهي التي جمع مصعب بن الزبير بينها وبين العقيلة الأخرى عائشة بنت طلحة، كانت لها في عينها نقطة (أو شيء لا أعرف حقيقته)، فأجريت لها عملية في العين واستخرجوا هذه النقطة من وراء الجسم الزجاجي. وقد قرأت وصف هذه العملية للجاحظ ولكني نسيت في أي كتاب قرأتها.
وإذا نظرتم في تاريخ المستشفيات في الإسلام تعرفون مبلغ ما وصلوا إليه في هذا الباب. اقرؤوا «تاريخ المستشفيات» للدكتور عيسى المصري، والكتاب الآخر الذي ألّفه أستاذ من الكلية الأميركية في بيروت نسيت اسمه الآن عن المستشفى النُّوري الذي أنشأه في دمشق نور الدين زنكي، وبقي بناؤه إلى الآن ولكنه صار