خاصة، فكان يشتري الكتاب منها بوزنه ذهباً إن لم يستطع شراءه بأقل من ذلك. ومكتبة أحمد زكي باشا (وكلا المكتبتين في دار الكتب المصرية الآن والحمد لله). ومكتبة عبد الحي الكتّاني في المغرب، وهي من أغنى الكتب في التاريخ. ومكتبة أنستاس الكرملي، وفيها كثير من المفردات ليس لها ثَوَان. ومكتبة صديقنا إسعاف النشاشيبي رحمة الله عليه وعلى كل من ذكرت، هذه المكتبة -على كبرها واتساعها- لا يكاد يوجد فيها كتاب واحد يخلو من فهارس ومن تعليقات، رأيت كثيراً منها. ومكتبة الشيخ خليل الخالدي، وقد زرتها لما كنت ذاهباً إلى مصر للدراسة سنة 1928. ومكتبة شيخنا المفتي الشيخ أبي اليسر عابدين ...
في هذه المكتبات نوادر لا تزال راقدة تنتظر من يوفّقه الله لإخراجها ببعثها من مرقدها؛ من ذلك أن رجلاً من أسرة معروفة في الشام كان يشتغل أسلافها بالعلم توفي من أكثر من خمسين سنة، فباعوا كتبه المخطوطة، ثم نبّههم أحدُ الخبراء إلى أن فيها كتاباً نادراً، فأحبوا أن يسترجعوه ممن اشتراه، وأبى عليهم استرجاعه، وأقيمت بشأنه قضايا في المحاكم لا أريد التعرض لها، ولكني أريد أن أقول: إن هذا الكتاب هو «كتاب البَيْزَرة» (أو البَزْدَرة) وهو علم طب البُزاة. وأنتم تعرفون البازي والصقر والشاهين، هذه الطيور التي كانوا يصطادون بها (ولا يزالون يتخذونها للصيد في بعض نواحي الجزيرة العربية). ولقد كتبت عن هذا الكتاب في السنة الثانية أو الثالثة من مجلة الرسالة، فاقرؤوا ما جاء فيه تجدوا عجائب لا تكاد تصدَّق (?)؛ من ذلك