المكتبة الإسلامية هي عجيبة العجائب، ذهب جُلّها ولم يبقَ منها إلا قُلّها (?). وهذا الذي بقي هو الأقل الأقل، وهو -على ذلك- شيء عظيم؛ ففي مكتبات إسطنبول -كما نقلوا- أكثر من مئتَي ألف مخطوطة جلبها العثمانيون من العواصم العربية والإسلامية، وفي شمالي إفريقيا مئتا ألف مخطوط في مكتبات القَيروان وفاس وحواضر الشمال الإفريقي المسلم، وفي مصر ثمانون ألف مخطوط، وفي موريتانيا واليمن وغيرهما.
ولا نزال -مع ذلك- نجد بالمصادفة نوادر أخرى لم نكن نعرف لها وجوداً، آتيكم عليها بأمثلة. فهذا كتاب «الفصول والغايات» الذي قالوا إن المَعرّي عارض به القرآن، واستمرت التهمة أكثر من تسعة قرون والمتهَم بريء، والكتاب مفقود وفَقده يؤكد التهمة ويقوّيها، حتى وجده خالي محب الدين الخطيب في مكة في موسم الحج أيام الشريف حسين، لمّا كان محرر «القبلة» التي حلّت محلها الجريدة الرسمية «أم القرى»؛ رآه بيد أحد الباعة فاشتراه بثمن بخس وأهداه إلى مكتبة صديقه أحمد تيمور باشا (التي ضُمَّت بعدُ إلى دار الكتب)، ثم طبعه الأستاذ الزناتي، وهو ثالث الإخوان الثلاثة: الزيات، وطه حسين، والزناتي.
وكان صديقنا الأستاذ عز الدين التَّنوخي يفتش عن رسالة لأبي الطيب اللغوي في خزانة شيخنا مفتي الشام، الطبيب الشيخ أبي اليسر عابدين، فوجد بالمصادفة كتابه «الإبدال» (الذي كان