شرح القاموس؟ و «الأغاني» لأبي الفرج الأصفهاني، العربي الأموي الذي كان -على أمويّته- يتشيع؟ ونهاية الأرب، وصبح الأعشى، وتفسير الطبري، وفتح الباري، والمبسوط، وشرح المواقف للسيد الجرجاني، والزّرقاني على المواهب، ومعجم البلدان ... وأمثال هذه الكتب التي تُعَدّ بالعشرات، بل بالمئات؟ إنها تمضي الأعمار دون قراءتها قراءة، فضلاً عن كتابتها كتابة.
فتصوّروا كيف ألفها مؤلفوها وكتبوها بأيديهم، وتناقلها الناس ونسخوا منها نسخاً؟ حتى كان في مكتبة العزيز بن المعز، وهو من ملوك الدولة العُبَيدية التي تدعى بالفاطمية، بضع وثلاثون نسخة من كتاب «العين». وهو أول المُعجمات بالعربية، بل لعلي لا أكون مبالغاً إن قلت إنه أول المعجمات في الألسن كلها، ابتكره رجل كان من أذكى البشر جميعاً، هو الخليل بن أحمد الفراهيدي، الذي وضع علماً جاء به كاملاً، هو علم العَروض. استنبطه من أصوات القَصّارين وهم يَخْبِطون بالمخابط على الثياب فتختلف أصواتها، فميّز منها «السّبَب» (طق) من «الوَتَد» (ططق)، وطبّق ذلك على شعر العرب ووضع هذه الأوزان (?).
وكان في هذه المكتبة عشرون نسخة من تاريخ الطبري، منها (كما يقول المقريزي في خططه) نسخة بخط الطبري نفسه، وفيها مئة نسخة من «الجمهرة» لابن دُرَيد. وكل ذلك في عهد لم تكن عُرفت فيه المطابع ولا الطابعات. (?)