حرية الكتابة
لست أدعو في هذه الكلمة إلى سلب الكتّاب حرية الكتابة، ولكني أدعو إلى الإبقاء على حرية الناس في التديّن والتخلق بكريم الأخلاق.
وإن لكل حرية حدوداً لا ينبغي لها أن تعدوها، وإلا كانت حريةَ المجنون الذي يفعل ما شاء وشاء له الجنون. أنت حر في دارك، ولكنك لا تستطيع أن تتخذ منها أتوناً للفحم ولا ماخوراً للفجور، ولا تستطيع أن تحرقها أو تنسفها بالبارود. وأنت حر في نفسك، ولكنك لا تقدر أن تبسط سفرتك فتأكل في المحراب يوم الجمعة والناس في الصلاة، ولا تقدر أن تلقي الصحون وتصلي على المائدة ساعة الوليمة في الحفل الحاشد، أو أن تحضر المحاضرة بلباس الحمّام، أو أن تصرخ في المستشفى أو تغني في المأتم! وأنت حر في قلمك، ولكنك لا تملك أن تدعو إلى هدم استقلال وطنك، والخروج على قوانين بلادك ... إنهم يمنعونك ويُسكتونك ويضربون -إن فعلتَ- على يدك.
فلماذا لا يمنعونك أن تكفر بالله، وتهدم الأخلاق، وتُخرج الناس على الدين، والأخلاقُ أساس الاستقلال والدين أَوْلى من القانون؟ وكيف صحّ ذلك المنع وساغ ولم يمسس حرمة هذه الحرية ولم يَنَلْ من قدسيتها، ولا يصح هذا ولا يسوغ ولا يكون إلا عدواناً على حرية الكتابة وإلحاداً فيها؟
أوَليس من عمل الحكومة الذي كانت من أجله الحكومات أن تقر الأمن في الأمة، وتضمن لها العزة والسيادة بين الأمم؟