«البخلاء» للجاحظ، و «كليلة ودمنة» لابن المقفّع. ثم يقرؤون كتباً أنفع، ككتاب «صيد الخاطر» لابن الجوزي، وكتاب الحارث المحاسبي «الرعاية لحقوق الله»، ثم يقرؤون كتب العلم.
وخير ما يقرؤون القرآن، بشرط أن يفهموا ما يقرؤون، وقراءةُ سورة قصيرة مع الفهم والتدبّر خير من ختمة بلا فهم ولا تدبّر. القرآن أساس البلاغة في القول، فضلاً عن كونه أساس الهداية للقلب، وكونه دستور الحياتين وسبب السعادتين. والذين تسمعون عنهم من بلغاء النصارى في هذا القرن ما بلغوا هذه المنزلة إلا بدراسة القرآن، كالشيخ ناصيف اليازجي وابنه إبراهيم اليازجي، وفارس الخوري، هذا وهم نصارى، ونحن أَوْلى بهذا الكتاب.
فليتعود الطلاب المطالعة بأن يقرؤوا كل يوم خمس صفحات، لا يتركونها أبداً. أنا من نصف قرن أقرأ ما لا يقل معدّله اليومي عن عشرين صفحة، بل لا يكاد يقل عن خمسين، فاحسبوا كم يبلغ مجموع عشرين صفحة في اليوم في خمسين سنة؟ أكثر من ثلث مليون.
لا تعجبوا، فكثير من الناس قرؤوا أكثر من ذلك، العقاد مثلاً أعرف أنه قرأ أكثر منها. أما العلماء المتقدّمون فمنهم من بلغت مؤلفاته، لا مطالعاته، خمسين ألف صفحة.
ومن كان من الطلاب يملك مالاً -من راتب من الدولة أو نفقة له من أبيه- فليخصص منه كل شهر خمسة ريالات أو عشرة لشراء الكتب، على أن يحسن اختيار ما يشتري، يجد أنه لم يكمل