هو موضوع كتابه. وكثير من الأخبار التي يرويها مَكذوب أو مبالَغ فيه.
فمن ذلك أخبار عمر بن أبي ربيعة. تصوّروا لو أن شاعراً دخل بين النساء وهنّ في الطواف أو عند رمي الجِمار، وأقبل ينظر في وجوههن، هل يتركه الناس؟ فكيف إن نَظَمَ فيهنّ أشعار الغزل؟ هل يسمح الناس اليوم لشاعر أن ينظم أشعار الغزل بالحاجّات؟ فكيف إن نشر هذا الغزل في جريدة، هل يسمح له الناس أن ينشره في جريدة؟
هذا مع العلم أن زمان ابن أبي ربيعة هو زمان الصحابة، وهو صدر الإسلام، فإذا كنا نحن الآن -على فساد الزمان وبعد العهد- لا نسمح بأن يقوم فينا من يصنع ما زعم صاحب «الأغاني» وأمثاله أن ابن أبي ربيعة كان يصنعه، فهل يسمح له بذلك الصحابة؟ فلا شك أن أخبار عمر بن أبي ربيعة التي يرويها صاحب «الأغاني» أكثرها مكذوب.
والخلاصة أن «الأغاني» كتاب من أعظم كتب الأدب، ولكن لا يجوز الاعتماد على صحة أخباره ولا يجوز أن يُنقَل منه التاريخ، وصاحبه -على جلالة قدره في الأدب- رقيق الدين سيّئ السمعة بذيء اللسان، لا يوثَق بروايته ولا بصدقه. فاقرؤوا كتاب «الأغاني» للمتعة الأدبية ولتقويم المَلَكة البيانية، ولكن لا تصدّقوا كل ما يرويه فيه ولا تعتمدوا عليه.
* * *