كان شأن ابن سلام أيضاً في مواطن تستدعي التوقف في النسب أو في صحة الأسماء، فقد تعقبه البكري في كل ذلك، وأبان عن الوجوه الصحيحة، أو قرن برواية أبي عبيد رواية غيره من العلماء في التوجيهات اللغوية، وفي فهم الأمثال والنصوص. وخطأه أيضاً في فهمه بعض الأمثال، من ذلك ما ورد في تفسير المثل " سوء الاستمساك خير من حسن الصرعة: فقد قال ابن سلام في تفسيره له: يقول لأن يزل الإنسان وهو عامل بوجه العمل وطريق الإحسان والعمل، خير من أن تأتيه الإصابة وهو عامل بالإساءة بالخرق، فقال البكري في تعليقه: " تفسير أبي عبيد يقتضيه لفظ المثل، ولا يصح عليه لأن الذي يعمل بوجه العمل وطريق الاستحسان ليس سيئ الاستمساك، كما أن العامل بالإساءة والخرق ليس بحسن الصرعة ".
ويشعر القارئ أحياناً أن البكري يتحكم في بعض التخريجات، ويأخذ على أبي عبيد ما يقع فيه غيره منت العلماء. فقد فسر ابن سلام المثل: " عند فلان من المال عائرة عين " بأن لديه من كثرة المال يملأ العين حتى يكاد يعورها، فقال البكري: " قبح الله كل مال يكاد يفقأ العين حين النظر ... الخ " ولو تمهل البكري لوجد أن علماء آخرين قبلوا هذا التفسير، وأن أبا عبيد لم يزد على أن اختار توجيه أبي عبيدة في فهم المثل. وقد يتجاوز التدقيق عند البكري حده الطبيعي المقبول في بعض الأحيان فيؤاخذ ابن سلام على أشياء لم يقلها؟ قال ابن سلام في المثل " قد نفخت لو تنفخ في فحم " إن هذا المثل الأغلب في شعره، فتعقبه البكري بقوله: " أما قوله نفخت لو تنفخ في فحم وهو في شعر الأغلب فليس ما أورده شعراً ولا رجزاً "؟ والحق أن أبا عبيد ابن سلام لم يقل إنه يورد شعراً أو رجزاً، وكل ما قاله أن هذا المثل ورد " في " شعر؟ وحقه أن يقول في رجز؟ للأغلب العجلي.
وقد مضى ابن سلام بدافع الإيجاز يحيل على أشياء ذكرها في كتابه غريب الحديث والغريب المصنف، مما جعل البكري يقف عند هذه المواطن ليشرحها منتقداً ابن سلام على موقفه هذا، لأن ابن سلام افترض أن قارئ كتابه لا بد من أن يكون قادراً على الرجوع إلى كتبه الأخرى.
وثمة صفة أخرى في ابن سلام أتاحت للبكري أيضاً مجالاً من القول، تلك هي تحرج أبي عبيد من ذكر بعض الأسماء، أو رواية بعض القصص، كقوله " وذكر