بل تعدى الأمر عندهم إلى حد العمل بالتَقِيَّة فيما بينهم حتى يعتادوها ويحسنوا العمل بها أمام أهل السنة.

وفى هذا يقول بعض أئمتهم ـ فيما زعموا ـ:"عليكم بالتَقِيَّة، فإنه ليس منا من لم يجعلها شعاره ودثاره مع من يأمنه، لتكون سجية مع من يحذره"

الفرق الرابع:

أن التُقَاة عند أهل السنة حالة مكروهة ممقوتة، يُكْرَه عليها المسلم إكراها، وَيُلْجَأ إليها إلجاء، ولا يداخل قلبه ـ خلال عمله بالتقاة ـ أدنى شيء من الرضا أو الاطمئنان، وكيف يهدأ باله، ويرتاح ضميره، وهو يظهر أمرا يناقض عقد قلبه؟

أما الرافضة، فلما للتَقِيَّة عندهم من المكانة، ولما لها فى دينهم من المنزلة، ولما لها فى حياتهم العلمية الواقعية من التأثير، فقد عملوا على "تطبيعها"وتعويد اتباعهم عليها، وأصبحوا يتوارثون التمدح بها كابراً عن كابر.

ومن نصوصهم فى ذلك ما نسبوه لبعض أئمتهم من قوله لابنه:"يابني ما خلق الله شيئا أقر لعين أبيك من التَقِيَّة.

ونسبوا لجعفر الصادق قوله"لا والله ما على وجه الأرض أحب اليّ من التَقِيَّة "

هذه أبرز الفروق التى تميز تقاة أهل السنة عن تَقِيَّة الرافضة، والمحك العملي لهذه الفروق هو الواقع العملي عبر القرون والأجيال، وإلى يوم الناس هذا.

فإن أهل السنة تميزوا بالوضوح والصدق فى أقوالهم، وأعمالهم، ومواقفهم بل إنهم سجلوا مواقف بطولية خالدة في مقارعة الظالمين، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والصدع بكلمة الحق، ولا زالت قوافل شهدائهم تتوالى جيلا بعد جيل، ورعيلا بعد رعيل، ولا زالت أصداء مواقفهم الشجاعة حية يرويها الأحفاد عن الأجداد، ويتلقنون منها دروس البطولة والفدائية والاسشهاد.

فى حين يحفل تاريخ الروافض بصور الخيانة والتأمر والغدر الخفي، فهم في الوقت الذي يصافحون به أهل السنة باليمين ـ تَقِيَّةً ونفاقا ـ يطعنونهم باليد الأخرى من وراء ظهورهم، وكثير من المصائب التي بالمسلمين كان للرافضة فيها يد ظاهرة، وكانوا من أسعد الناس بها، حتى ليصدق عليهم وصف الله للمنافقين (إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا) [آل عمران: 120] ومع هذا بلغت بهم التَقِيَّة أن قال قائلهم:"من صلى وراء سني تَقِيَّة فكأنما صلى وراء نبي "

طور بواسطة نورين ميديا © 2015