أما من حيث حكم التَقِيَّة، والتطبيق العملي لها، فإن ثمت فروقا عظيمة بينها يمكن إجمال أهمها فيما يلي:
الفرق الاول:
أن التقية عند أهل السنة استثناء مؤقت من أصل كلي عام، لظرفٍ خاص يمر به الفرد المسلم، أو الفئة المسلمة، وهى مع ذلك رخصة جائزة.
أما الرافضة فالتَقِيَّة عندهم واجب مفروض حتى يخرج قائمهم، وهى بمنزلة الصلاة، حتى نقلوا عن الصادق قوله:"لو قلت أن تارك التَقِيَّة كتارك الصلاة لكنت صادقا".
بل إن التَقِيَّة عندهم تسعة أعشار الدين كله، ولذلك قالوا:"لا دين لمن لا تَقِيَّة له"
فالتَقِيَّة فى المذهب الشيعي أصل ثابت مطرد، وليست حالة عارضة مؤقتة. بل من غلوهم فى التَقِيَّة أن اعتبروا تركها ذنبا لا يغفر، فهي على حد الشرك بالله، ولذلك جاء فى أحاديثهم:"يغفر الله للمؤمنين كل ذنب، ويطهر منه فى الدنيا والآخرة، ما خلا ذنبين: ترك التَقِيَّة، وتضيع حقوق الإخوان".
وبهذا يتبن الفرق فى الحكم بين نظرة أهل السنة، ونظرة الرافضة، فهي عند أهل السنة استثناء مباح للضرورة، وعند الرافضة أصل من اصول المذهب.
الفرق الثانى:
إن التَقِيَّة عند أهل السنة ينتهي العمل بها بمجرد زوال السبب الداعي لها من الإكراه ونحوه، ويصبح الاستمرار عليها ـ حينئذ ـ دليلاً على أنها لم تكن تَقِيَّة ولاخوفا، بل كانت ردة ونفاقا.
وفى الأزمنة التي تعلو فيها كلمة الإسلام، وتقوم دولته، ينتهي العمل بالتَقِيَّة ـ غالبا ـ وتصبح حالة فردية نادرة.
أما عند الرافضة، فهى واجب جماعي مستمر، لا ينتهي العمل به، حتى يخرج مهديهم المنتظر الذي لن يخرج أبدا.
ولذلك ينسبون إلى بعض أئمتهم قوله:"من ترك التَقِيَّة قبل خروج قاءمنا فليس منا"
الفرق الثالث:
أن تُقَاة أهل السنة تكون مع الكفار ـ غالبا ـ كما هو نص قوله تعالى: (لاّ يَتّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ إِلاّ أَن تَتّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذّرْكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَإِلَىَ اللّهِ الْمَصِيرُ) [آل عمران: 28]
وقد تكون مع الفساق والظلمة الذين يخشى الإنسان شرهم، ويحاذر بأسهم وسطوتهم، أما تَقِيَّة الروافض فهي أصلا مع المسلمين.
وهم يسمون الدولة المسلمة"دولة الباطل"ويسمون دار الإسلام:"دار التَقِيَّة "ويرون أن ترك التَقِيَّة في دولة الظالمين فقد خالف دين الإمامية وفارقة.