ويقابل غلوالشيعة فى النفاق الذى يسمونه تَقِيَّة، غلو الخوارج الذين يذهبون إلى أنه لا يجوز التَقِيَّة بحالٍ من الأحوال، وأنه لا يُراعى حفظ المال أو النفس، أو العرض، أو غيرها من الضروريات، فى مقابلة الدين أصلا.

ولهم فى ذلك تشديدات عجيبة، منها أن من كان يصلي، وجاء سارق أو غاصب ليسرق ماله، فإنه ليس له قطع الصلاة، ولا مقاومة هذا اللص فى أثنائها، مهما كان المال من العظم والكثرة، ولهم مواقف مع الصحابة وغيرهم فى هذا.

وبهذا تتحقق وسطية أهل السنة فى باب التَقِيَّة بين الرافضة المغالين، وبين الخوارج المفرطين، كما تحققت وسطيتهم فى سائر أبواب العمل والاعتقاد، مصداقا لقول الله تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمّةً وَسَطاً لّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى النّاسِ وَيَكُونَ الرّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً) [البقرة: 143]

(56) الإحسان إلى من يعمل تحت يديه:

ومن أفضل آداب معاشرة الإخوان الإحسان إلى من يعمل تحت يديه.

(حديث أبي هريرة في الصحيحين) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: إذا أتى أحدكم خادمه بطعامه قد كفاه علاجه و دُخَانه فليجلسه معه فإن لم يجلسه معه فليناوله أكله أو أكلتين.

(إذا أتى أحدكم خادمه بطعامه) ليأكله.

(قد كفاه علاجه) أي تحمل المشقة من تحصيل آلاته ومزاولة عمله

(ودخانه) بالتخفيف مقاساة شم لهب النار حال الطبخ نص عليه مع شمول ما قبله له لعظم مشقته.

(فليجلسه معه) ندباً ليأكل مكافأة له على كفايته حره وعلاجه وسلوكاً لسبيل التواضع المأمور به في الكتاب والسنة هذا هو الأفضل.

(فإن لم يجلسه معه) لعذر كقلة طعام أو لكون نفسه تعاف ذلك قهراً عليه ويخشى من إكراهها محذوراً أو لغير ذلك كمحبته للاختصاص بالنفيس أو لكون الخادم يكره ذلك حياء منه أو تأدباً.

(فليناوله أُكلة أو أُكلتين) من الطعام بضم الهمزة ما يؤكل دفعة واحدة كلقمة ... ما يؤكل كذلك بحسب حال الطعام والخادم ليرد ما في نفسه من شهوة الطعام وتنكسر سورة الجوع.

(حديث أنس الثابت في الصحيحين) قال: قدم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة ليس له خادم، فأخذ أبو طلحة بيدي، فانطلق بي إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا رسول الله، إن أنسا غلام كيس فليخدمك، قال: فخدمته في السفر والحضر، ما قال لي لشيء صنعته لم صنعت هذا هكذا، ولا لشيء لم أصنعه لم تصنع هذا هكذا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015