والصبر على فوات الحقوق الواجبة الراعية، والمتمثلة فى الاستئثار عليهم بالمال والحكم وغيرها، بحيث يسألونها الله عز وجل بأن يصرف قلوبهم الى العدل والانصاف فى الرعية، وإسناد الأمور إلى أهلها، أو يبدلهم خيراً منهم، ممن هو أحق بهذا الأمر وأولى به.
معنى التقية وأقسامها:
مسألة: ما معنى التقية؟
قال تعالى: (لاّ يَتّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ إِلاّ أَن تَتّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذّرْكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَإِلَىَ اللّهِ الْمَصِيرُ) [آل عمران: 28]
[*] قال الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسيره:
نهى الله تبارك وتعالى، عباده المؤمنين أن يوالوا الكافرين، وأن يتخذوهم أولياء يُسِرُّون إليهم بالمودة من دون المؤمنين، ثم توعد على ذلك فقال: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ} أي: من يرتكب نهى الله في هذا فقد برئ من الله.
وقوله: {إِلا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً} أي: إلا من خاف في بعض البلدان أو الأوقات من شرهم، فله أن يتقيهم بظاهره لا بباطنه ونيته، كما حكاه البخاري عن أبي الدرداء أنه قال: "إنَّا لَنَكْشرُ فِي وُجُوهِ أقْوَامٍ وَقُلُوبُنَا تَلْعَنُهُمْ".
وقال الثوري: قال ابن عباس، رضي الله عنهما: ليس التقية بالعمل إنما التقية باللسان، وكذا رواه العوفي عن ابن عباس: إنما التقية باللسان، وكذا قال أبو العالية، وأبو الشعثاء والضحاك، والربيع بن أنس. ويؤيد ما قالوه قول الله تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ] (7)} [النحل: 106]. أهـ
وعن الضحاك قال: التقية باللسان، من حمل على أمر يتكلم به، وهو لله معصية، فتكلم مخافة على نفسه، وقلبه مطمئن بالإيمان، فلا إثم عليه إنما التقية باللسان، وورد نحو هذا المعنى عن جمع من السلف.
وهذه الآثار تدل على أنه يدخل فى الآية الكتمان والاستسرار وعدم الجهر بالدين والحق، ويدخل يها ـ أيضا ـ مصانعة المشركين ومخالفتهم وإظهار موالاتهم باللسان دون العمل إذا تحققت شروط الإكراه.