(حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه الثابت في صحيحي أبي داوود وابن ماجة) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: إن بين يدي الساعة فتنا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسي كافرا، ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا، القاعد فيها خير من القائم، والماشي فيها خير من الساعي، فكسروا قِسِيِّكم، وقطعوا أوتاركم، واضربوا سيوفكم بالحجارة، فإن دخل يعني على أحد منكم فليكن كخير ابني آدم.

[*] قال صاحب عون المعبود شرح سنن أبي داوود:

(كقطع الليل المظلم) بكسر القاف وفتح الطاء ويسكن أي كل فتنة كقطعة من الليل المظلم في شدتها وظلمتها وعدم تبين أمرها

قال الطيبي رحمه الله يريد بذلك التباسها وفظاعتها وشيوعها واستمرارها

(فيها) أي في تلك الفتن

ويصبح كافرا الظاهر أن المراد بالإصباح والإمساء تقلب الناس فيها وقت دون وقت لا بخصوص الزمانين فكأنه كناية عن تردد أحوالهم وتذبذب أقوالهم وتنوع أفعالهم من

عهد ونقض وأمانة وخيانة ومعروف ومنكر وسنة وبدعة وإيمان وكفر

(القاعد فيها خير من القائم والماشي فيه خير من الساعي) أي كلما بعد الشخص عنها وعن أهلها خير له من قربها واختلاط أهلها لما سيؤل أمرها إلى محاربة أهلها فإذا رأيتم الأمر كذلك

(فكسروا قِسِيِّكم) بكسرتين وتشديد التحتية جمع القوس وفي العدول عن الكسر إلى التكسير مبالغة لأن باب التفعيل للتكثير

(وقطعوا) من التقطيع

(أو تاركم) جمع وتر بفتحتين

قال القارىء فيه زيادة من المبالغة إذ لا منفعة لوجود الأوتار مع كسر القسي أو المراد به أنه لا ينتفع بها الغير

(واضربوا سيوفكم بالحجارة) أي حتى تنكسر أو حتى تذهب حدتها وعلى هذا القياس الأرماح وسائر السلاح

(فإن دخل) بصيغة المجهول ونائب الفاعل قوله

(على أحد منكم) من بيانية

(فليكن) أي ذلك لأحد

(كخير ابني آدم) أي فليستسلم حتى يكون قتيلا كهابيل ولا يكون قاتلا كقابيل

(حديث خالد بن عرفطة رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: ستكون أحداث و فتنة و فرقة و اختلاف فإن استطعت أن تكون المقتول لا القاتل فافعل.

(حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: سلامة الرجل في الفتنة أن يلزم بيته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015