(حديث أبي بكرة في الصحيحين) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل و المقتول في النار قيل: يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: إنه كان حريصا على قتل صاحبه.
فهذه الأحاديث تدل على مشروعية الاعتزال فى الفتنة، وتجنب الخوض فيها، ولذلك لما وقع القتال بين على ومعاوية رضى الله عنهما اعتزل عدد كبير من الصحابة، وأبوْا الدخول فى قتال بين المسلمين مع اعترافهم ببيعة أمير المؤمين على بن ابى طالب رضى الله عنه وخلافته.
فاعتزل محمد بن مسلمة، وسعد بن أبى وقاص، وعبد الله بن عمر، وأسامة بن زيد، وأبو بكر نفيع بن الحارث، وأبو مسعود الانصارى، وسلمة بن الاكوع، وأبو موسى الاشعرى، وغيرهم.
قال الخطابي رحمه الله في آداب العزلة:
" والعزلة عند الفتنة سنة الأنبياء وعصمة الأولياء وسيرة الحكماء والأولياء" فلا أعلم لمن عابها عذرا لا سيما في هذا الزمان القليل خيره البكيء دره وبالله نستعيذ من شره وريبه. أهـ
وتأمل في الأحاديث الآتية بعين البصيرة
(حديث عقبة بن عامر الثابت في صحيح الترمذي) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: قلت يا رسول الله ما النجاة؟ قال أملك عليك لسانك وليسعك بيتك وابك على خطيئتك.
(حديث ثوبان رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: طوبى لمن ملك لسانه وَوَسِعَه بَيْتَهُ وبكى على خطيئته.
(حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما الثابت في صحيح أبي داوود) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: إذا رأيتم الناس قد مرجت عهودهم و خفت أماناتهم و كانوا هكذا ـ و شبك بين أصابعه ـ فالزم بيتك و املك عليك لسانك و خذ بما تعرفه و دع ما تنكر و عليك بأمر خاصة نفسك و دع عنك أمر العامةودع عنك أمر العامة.
قال صاحب عون المعبود شرح سنن أبي داوود:
أي الزم أمر نفسك واحفظ دينك واترك الناس ولا تتبعهم وهذا رخصة في ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذا كثر الأشرار وضعف الأخيار. أهـ
(حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه الثابت في صحيح البخاري) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: يوشك أن يكون خير مال الرجل غنم، يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر، يفر بدينه من الفتن.