(لمن جعل اللّه مفاتيح الشر على يديه) قال الحكيم: فالخير مرضاة اللّه والشر سخطه فإذا رضى اللّه عن عبد فعلامة رضاه أن يجعله مفتاحاً للخير فإن رؤى ذكر الخير برؤيته وإن حضر حضر الخير معه وإن نطق نطق بخير وعليه من اللّه سمات ظاهرة لأنه يتقلب في الخير بعمل الخير وينطق بخير ويفكر في خير ويضمر خيراً فهو مفتاح الخير حسبما حضر وسبب الخير لكل من صحبه والآخر يتقلب في شر ويعمل شراً وينطق بشر ويفكر في شر ويضمر شراً فهو مفتاح الشر لذلك فصحبة الأول دواء والثاني داء.
(46) مشورة أهل الصلاح:
ومن أفضل الآداب في الصحبة ومعاشرة الخلق مشورة أهل الصلاح لأن من شاور الناس فقد شاركهم في عقولهم.
قال تعالى: (وَشَاوِرْهُمْ فِي الأمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكّلْ عَلَى اللّهِ إِنّ اللّهَ يُحِبّ الْمُتَوَكّلِينَ) [سورة: آل عمران - الآية: 159]
الشاهد: قوله تعالى [وَشَاوِرْهُمْ فِي الأمْرِ]
(وشاورهم) استخرج آراءهم
(في الأمر) أي شأنك من الحرب وغيره تطييبا لقلوبهم وليستن بك وكان صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كثير المشاورة لهم.
و قال تعالى: (وَالّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِرَبّهِمْ وَأَقَامُواْ الصّلاَةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَىَ بَيْنَهُمْ وَمِمّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ) [سورة: الشورى - الآية: 38]
الشاهد: قوله تعالى [وَأَمْرُهُمْ شُورَىَ بَيْنَهُمْ]
(وأمرهم شورى بينهم) يتشاورون فيه ولا يعجلون، فالمشورة من صفات المؤمنين بنص القرآن الكريم.
مسألة: ما هو واجب المستشار؟
يجب على المستشار شيئين متلازمين إذا أراد النجاة هما:
(1) أداء الأمانة في المشورة لأنه مؤتمن بنص السنة الصحيحة
(حديث أبي هريرة في صحيحي أبي داوود والترمذي) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: المستشارُ مُؤتَمَن.
الشاهد: قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[المستشارُ مُؤتَمَن]
(المستشار مؤتمن) أي أمين على ما استشير فيه فمن أفضى إلى أخيه بسره وأمنه على نفسه فقد جعله بمحلها فيجب عليه أن لا يشير عليه إلا بما يراه صواباً.
(حديث أبي هريرة في صحيح أبي داود) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال من أُفْتِىَ بغير علمٍ كان إثْمُه على من أفتاه و من أشار على أخيه بأمرٍ يعلمُ أن الرشدَ في غيرهِ فقد خانَه.
الشاهد: قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[و من أشار على أخيه بأمرٍ يعلمُ أن الرشدَ في غيرهِ فقد خانَه].