ولقد تطبّع أفراد المجتمع المسلم بذلك الخلق وتوارثوا توقير الكبير واحترامه وتقديره انقياداً لتعاليم دينهم، واتباعاً لسنة رسولهم - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فكان الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله - من أشد الناس توقيراً لإخوانه ولمن هو أسن منه، فقد روى عنه المروزي أنه جاءه أبو همام راكباً على حماره، فأخذ له الإمام أحمد بالركاب. وقال المروزي: رأيته فعل هذا بمن هو أسن منه من الشيوخ (?).

وذكر ابن الجوزي عن ابن سعيد الأشج أنه قال: ((حدثنا ابن إدريس، عن ليث، قال: كنت أمشي مع طلحة بن مصرف فقال: لو كنت أسن مني بليلة ما تقدمتك)) (?)، فهذا خُلُقُهُم - رحمهم الله - فالأسن مقدم ولو كان الفارق ليلة فكيف بسنة أو سنوات؟! فذلك من باب أولى، وروى الحسن بن منصور قال: كنت مع يحيى وإسحاق بن راهويه يوماً نعود مريضاً فلما حاذينا الباب تأخر إسحاق، وقال ليحيى: تقدم أنت، قال: يا أبا زكريا أنت أكبر مني (?).

(45) أن يكون مفتاحاً للخير مغلاقاً للشر:

ومن أفضل الآداب في الصحبة ومعاشرة الخلق أن يكون مفتاحاً للخير مغلاقاً للشر فطوبى فطوبى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه و ويل لمن جعل الله مفاتيح الشر على يديه.

(حديث أنس في صحيحي الترمذي وابن ماجة) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: إن من الناس ناسا مفاتيح للخير مغاليق للشر و إن من الناس ناسا مفاتيح للشر مغاليق للخير فطوبى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه و ويل لمن جعل الله مفاتيح الشر على يديه.

[*] قال الإمام المناوي رحمه الله تعالى في فيض القدير.

إن من الناس ناساً مفاتيح للخير مغاليق للشر وإن من الناس ناساً مفاتيح للشر مغاليق للخير فطوبى) أي حسنى أو خيراً وهو من الطيب أي عيش طيب

(لمن جعل اللّه مفاتيح الخير على يديه وويل) شدة حسرة ودمار وهلاك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015