(ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا) الواو بمعنى أو فالتحذير من كل منهما وحده فيتعين أن يعامل كلاً منهما بما يليق به فيعطى الصغير حقه من الرفق به والرحمة والشفقة عليه ويعطى الكبير حقه من الشرف والتوقير، قال الحافظ العراقي: فيه التوسعة للقادم على أهل المجلس إذا أمكن توسعهم له سيما إن كان ممن أمر بإكرامه من الشيوخ شيباً أو علماً أو كونه كبير قوم كما في حديث جرير المار إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه.

(حديث أبي موسى في صحيحي أبي داوود والترمذي) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم و حامل القرآن غير الغالي فيه و الجافي عنه و إكرام ذي السلطان المقسط.

[*] قال الإمام المناوي رحمه الله تعالى في فيض القدير.

(إن من إجلال اللّه) أي تبجيله وتعظيمه

(إكرام ذي الشيبة المسلم) أي تعظيم الشيخ الكبير صاحب الشيبة البيضاء الذي عمره في الإيمان وتوقيره في المجالس والرفق به والشفقة عليه

(وحامل القرآن) أي قارئه

(غير الغالي فيه) أي غير المتجاوز الحد في العمل به وتتبع ما خفي منه واشتبه عليه من معانيه وفي حدود قراءته ومخارج حروفه

(والجافي عنه) أي التارك له البعيد عن تلاوته والعمل بما فيه

(وإكرام ذي السلطان) أي سلطان لأنه ذي قهر وغلبة من السلاطة وهي التمكن من القهر قال اللّه تعالى {ولو شاء اللّه لسلطهم عليكم} ومنه سمي السلطان وقيل ذي حجة لأنه يقام به الحجج.

(المقسط) بضم الميم العادل في حكمه بين رعيته قال ابن الأثير: وقيد بقوله غير الغالي إلخ لأن من أخلاقه التي أمر بها القصد في الأمور والغلو التشديد في الدين ومجاوزة الحد والتجافي البعد عنه.

(حديث جابر رضي الله عنه الثابت في السلسلة الصحيحة) أنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: أَمَرَنِي جِبْرِيْلُ أَنْ أُقَدِّمَ الأَكَابِرَ.

(حديث سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم) قَالَ: لَقَدْ كُنْتُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غُلَامًا فَكُنْتُ أَحْفَظُ عَنْهُ فَمَا يَمْنَعُنِي مِنْ الْقَوْلِ إِلَّا أَنَّ هَا هُنَا رِجَالًا هُمْ أَسَنُّ مِنِّي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015