(وأما السابقون بالخيرات فهم نوعان: أبرار ومقربون. وهؤلاء الأَصناف الثلاثة هم أَهل اليمين، وهم المقتصدون والأَبرار والمقربون. وأَما الظالم لنفسه فليس من أَصحاب اليمين عند الإِطلاق وإِن كان مآله إلى أصحاب اليمين كما أنه لا يسمى مؤمناً عند الإطلاق وإن كان مصيره ومآله مصير المؤمنين بعد أخذ الحق منه.
(أقسام النفس:
أولاً: النفس المطمئنة:
إذا سكنت النفس إلى الله عزّ وجلّ واطمأنت بذكره، وأنابت إليه، واشتاقت إلى لقائه، وأنست بقربه، فهي مطمئنة، وهى التي يقال لها عند الوفاة.
{يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّة} (الفجر: 27 - 28).
[*] قال ابن عباس - رضي الله عنه -: المطمئنة المصدقة.
[*] وقال قتادة: هو المؤمن اطمأنت نفسه إلى ما وعد الله، وصاحبها يطمئن في باب معرفة أسمائه وصفاته إلى خبره الذي أخبر عن نفسه وأخبر به عند رسوله ص ثم يطمئن إلى خبره عما بعد الموت من أمور البرزخ وما بعده من أحوال القيامة حتى كأنه يشاهد ذلك كله عياناً، ثم يطمئن إلى قدر الله عزّ وجلّ فيسلم له ويرضى ن فلا يسخط، ولا يشكو، ولا يضطرب إيمانه، فلا يأسى على ما فاته، ولا يفرح بما آتاه، لأن المصيبة فيه مقدرة قبل أن تصل إليه، وقبل أن يخلق، قال تعالى: {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إلاّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} (التغابن: من الآية 11).
[*] قال غير واحد من السلف: هو العبد تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم.
وأما طمأنينة الإحسان فهي الطمأنينة إلى أمره امتثالاً وإخلاصاً ونصحاً، فلا يقدم على أمره إرادة ولا هوى، ولا تقليداً، ولا يساكن شبهة تعارض خبره، ولا شهوة تعارض أمره، بل إذا مرّت به أنزلها منزلة الوساوس التي لئن يخر من السماء إلى الأرض أحب إليه من أن يجدها، فهذا صريح الإيمان بنص السنة الصحيحة كما في الحديث الآتي:
(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم) قال * جاء ناس من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به، قال وقد وجدتموه؟ قالوا نعم قال: ذاك صريح الإيمان.
[*] قال صاحب عون المعبود في شرح سنن أبي داوود:
نجد في أنفسنا: أي الشيء القبيح.