كأن يقول الإنسان: اللهم عجل عقوبتي في هذه الدنيا؛ لأدخل الجنة يوم القيامة، وأسلم من عذاب النار! فهذا خطأ، وأولى لهذا ثم أولى له أن يسأل الله السلامة في الدارين.

فلا يجوز له أن يدعو أن يعجل الله له العقوبة في الدنيا، ويعفو عنه يوم القيامة، هذا أمر لا يجوز، بل على العبد أن يسأل الله التوبة والمغفرة والرحمة وأن يتجاوز عنه، ويكفر عنه سيئاته، فالله تعالى غفور رحيم، يقبل توبة عبده وإنابته ورجوعه إليه.

(حديث أنس رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم) أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عاد رجلا من المسلمين قد خفت فصار مثل الفرخ فقال له رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هل كنت تدعو بشيء أو تسأله إياه قال نعم كنت أقول اللهم ما كنت معاقبي به في الآخرة فعجله لي في الدنيا فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سبحان الله لا تطيقه أو لا تستطيعه أفلا قلت اللهم! < آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار >! قال فدعا الله له فشفاه.

[*] قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم:

في هذا الحدِيث: النَّهْي عَنْ الدُّعَاء بِتَعْجِيلِ الْعُقُوبَة، وَفِيهِ: فَضْل الدُّعَاء بِاَللَّهُمَّ آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَة وَفِي الآخِرَة حَسَنَة وَقِنَا عَذَاب النَّار، وَفِيهِ: جَوَاز التَّعَجُّب بِقَوْلِ: سُبْحَان اللَّه، وَفِيهِ: اِسْتِحْبَاب عِيَادَة الْمَرِيض وَالدُّعَاء لَهُ، وَفِيهِ: كَرَاهَة تَمَنِّي الْبَلاء لِئَلاَّ يَتَضَجَّر مِنْهُ وَيَسْخَطهُ، وَرُبَّمَا شَكَا (?)، وَأظْهَرُ الأقْوَال فِي تَفْسِير الْحَسَنَة فِي الدُّنْيَا أنَّهَا الْعِبَادَة وَالْعَافِيَة، وَفِي الآخِرَة الْجَنَّة وَالْمَغْفِرَة (?)

فالأصل الدعاء بالعافية في الدين والدنيا كما في الحديث الآتي:

(حديث ابن عمر في صحيحي أبي داوود وابن ماجة) قال لم يكن رسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الله يدع هؤلاء الدعوات حين يمسي وحين يصبح { ... اللهم إني أسألك العفو و العافية الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي و أهلي و مالي، اللهم استر عوراتي و آمن روعاتي و احفظني من بين يدي و من خلفي و عن يميني و عن شمالي و من فوقي و أعوذ بك أن اغتال من تحتي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015