كالتوسل بذات النبي"، أو بجاهه _ عليه الصلاة والسلام _، فهذا التوسل توسل بدعي، والدين مبناه على الاتباع لا الابتداع، والبدعة بريد الكفر. (?)

(3) تمني الموت وسؤال ذلك:

ومن مكروهات الدعاء تمني الموت، وهنا يتبين صدق المؤمن وثباته، من كذبه وضعف دينه، فبعض الناس ما إن تصيبه مصيبة، أو بلاء، إلا وتراه يسأل الله الموت، فلا يصبر ولا يحتسب، بل تراه جزعاً يريد الخروج من دوامة الابتلاء والفتنة، ولا ريب أن ذاك خطأ في الدعاء، بل لا بد من الصبر لتمحيص الذنوب والخطايا، ورفعة الدرجات، وهذا هو شأن المؤمن مع ربه جل وعز.

(لحديث أنس الثابت في الصحيحين) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به فإن كان لا بد متمنيا فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي و توفني إذا كانت الوفاة خيرا لي.

[*] قال الشيخ عبد الرحمن ابن سعدي في شرحه لهذا الحديث:

هذا نهي عن تمني الموت؛ للضر الذي ينزل بالعبد، من مرض، أو فقر، أو خوف، أو وقوع في شدة أو مهلكة أو نحوها من الأشياء؛ فإن في تمني الموت لذلك مفاسدَ منها: أنه يؤذن بالتسخط والتضجر من الحالة التي أصيب بها، وهو مأمور بالصبر، والقيام بوظيفته، والصبر ينافي ذلك.

ومنها أنه يضعف النفس، ويحدث الخور والكسل، ويوقع في اليأس.

والمطلوب من العبد مقاومة هذه الأمور، والسعي في إضعافها وتخفيفها بحسب اقتداره، وأن يكون معه من قوة القلب وقوة الطمع في زوال ما نزل به.

وذلك موجب لأمرين: اللطف الإلهي لمن أتى بالأسباب المأمور بها، والسعي النافع الذي يوجبه قوة القلب ورجاؤه.

ومنها أن تمني الموت جهل وحمق؛ فإنه لا يدري ما يكون بعد الموت؛ فربما كان كالمستجير من الضر إلى ما هو أفظع منه، من عذاب البرزخ وأهواله.

ومنها أن الموت يقطع على العبد الأعمال الصالحة التي هو بصدد فعلها، والقيامِ بها، وبقية عمر المؤمن لا قيمة له؛ فكيف يتمنى انقطاعَ عملٍ الذَّرَّةُ منه خير من الدنيا وما عليها؟!.

وخصّ من هذا العموم قيامه بالصبر على الضر الذي أصابه؛ فإن الله يوفي الصابرين أجرهم بغير حساب. (?)

(4) الدعاء بتعجيل العقوبة:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015