(وفي الحديث أيْضًا فَائِدَةٌ هَامَةٍ وَجَلِيلَةٌ، وَهِيَ: أنَّ اَلْدُّعَاءَ اَلْمَشْرُوعَ إنَّمَا يَكُونُ فِيِ طَلَبِ اَلآخِرَةِ وَاَلْدُّنْيَا:
قال تعالى: {فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} (البقرة /200، 201)
[*] قال الفَخْرُ الرَّازِي في تفسيره على الآية الكريمة: بَيَّنَ الله تعالى أن الذين يَدْعُونَ الله فريقان، أحدهما: يكون دُعَاؤهُمُ مَقْصُوراً على طَلَبِ الدُّنْيَا، والثاني: الذين يَجْمَعُونَ في الدُّعَاءِ بين طَلَبِ الدُّنْيَا وطَلَبِ الآخِرَةِ، وقد كان في التَّقْسِيمِ قِسْمٌ ثالث، وهو من يكون دُعَاؤهُ مَقْصُوراً على طَلَبِ الآخِرَةِ، واختلفوا في هذا القسم هل مَشْرُوعٌ أمْ لاَ؟ والأكثرون على أنَّهُ غَيْرُ مَشْرُوعٍ 0
وتحدث د. مراد هوفمان عن التوازن الكامل والدقيق بين الجسد والروح في الإسلام فقال: ما الآخرة إلا جزاء العمل في الدُّنْياَ، ومن هنا جاء الاهتمام في الدُّنْياَ، فالقرآن يُلْهِمُ المسلم الدُّعَاءُ لِلْدُّنْياَ، وليس الآخرة فقط {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} (?)
(5) الدعاء بما هو مستحيل، أو بما هو ممتنع عقلاً أو عادةً، أو شرعًا:
كأن يدعو بأن يخلد في الدنيا، أو أن يعطى النبوة، أو ألا يقيم الله الساعة، أو ألا يمر الناس على الصراط، أو أن يسأل الله أن يحيي الموتى، أو أن يسأل رؤية الله في الدنيا، أو أن ترفع عنه لوازم البشرية، فيستغني عن الطعام والشراب، والنَّفَس، أو أن يطلب الولد دون زواج أو تسَرٍّ، أو يسأل الثمر دون زرع أو حراثة، أو أن يعطى جبلاً من ذهب، أو أن يكون متواجدًا في مكانين في آن واحد، وهكذا دواليك ...
(6) الدعاء بأمر قد فرغ منه:
وهذا قريب مما قبله، فهذا الدعاء من باب تحصيل الحاصل؛ فالشيء إذا فرغ منه لم يتعلق بالدعاء فيه فائدة.
كمن يسأل الله ألا تهلك هذه الأمة بسنة بعامة، وألا يسلط الله عليها عدوًّا من سوى أنفسها فيستبيح بيضتها، فهذان أمران دعا بهما النبي"وأجيبت دعوته. (?)