وإن الله بعدله وقسطه جعل الروح والفرح في الرضا واليقين وجعل الهم والحزن في الشك والسخط.
(واليقين قرين التوكل ولهذا فسر التوكل بقوة اليقين
والصواب: أن التوكل ثمرته ونتيجته ولهذا حسن اقتران الهدى به قال الله تعالى: {فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ} [النمل: 79] فالحق: هو اليقين وقالت رسل الله: {وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا} [إبراهيم: 12] ومتى وصل اليقين إلى القلب امتلأ نورا وإشراقا وانتفى عنه كل ريب وشك وسخط وهم وغم فامتلأ محبة لله وخوفا منه ورضي به وشكرا له وتوكلا عليه وإنابة إليه فهو مادة جميع المقامات والحامل لها. أهـ
(سبحان من أيقظ المتقين، وخلع عليهم خلع اليقين، وألحقهم بتوفيقه بالسابقين، فباتوا في جلباب الجد متسابقين.
(رزق الله المتقين اليقين فشهدوا، ونصبوا أقدامهم في الليل فسهروا، وأراهم عيب الدنيا فرفضوها وزهدوا.
مسألة: هل اليقين كسبي أم موهبي؟
[*] (قال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه مدارج السالكين:
واختلف فيه: هل هو كسبي أو موهبي فقيل: هو العلم المستودع في القلوب يشير إلى أنه غير كسبي.
وقال سهل: اليقين من زيادة الإيمان ولا ريب أن الإيمان كسبي، والتحقيق: «أنه كسبي باعتبار أسبابه موهبي باعتبار نفسه وذاته» أهـ
((أقوال السلف في اليقين:
[*] (قال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه مدارج السالكين:
(قال ذو النون: اليقين يدعو إلى قصر الأمل وقصر الأمل يدعو إلى الزهد والزهد يورث الحكمة وهي تورث النظر في العواقب قال: وثلاثة من أعلام اليقين: قلة مخالطة الناس في العشرة وترك المدح لهم في العطية والتنزه عن ذمهم عند المنع وثلاثة من أعلامه أيضا: النظر إلى الله في كل شيء والرجوع إليه في كل أمر والاستعانة به في كل حال.
(وقال الجنيد: اليقين هو استقرار العلم الذي لا ينقلب ولا يحول ولا يتغير في القلب.
(وقال ابن عطاء: على قدر قربهم من التقوى أدركوا من اليقين وأصل التقوى مباينة النهي وهو مباينة النفس فعلى قدر مفارقتهم النفس: وصلوا إلى اليقين.