(وقيل: اليقين هو المكاشفة وهو على ثلاثة أوجه: مكاشفة في الأخبار ومكاشفة بإظهار القدرة ومكاشفة القلوب بحقائق الإيمان ومراد القوم بالمكاشفة: ظهور الشيء للقلب بحيث يصير نسبته إليه كنسبة المرئي إلى العين فلا يبقى معه شك ولا ريب أصلا وهذا نهاية الإيمان وهو مقام الإحسان وقد يريدون بها أمرا آخر وهو ما يراه أحدهم في برزخ بين النوم واليقظة عند أوائل تجرد الروح عن البدن ومن أشار منهم إلى غير هذين: فقد غلط ولبس عليه.
(وقال السري: اليقين سكونك عند جولان الموارد في صدرك لتيقنك أن حركتك فيها لا تنفعك ولا ترد عنك مقضيا.
(وقال أبو بكر الوراق: اليقين ملاك القلب وبه كمال الإيمان وباليقين عرف الله وبالعقل عقل عن الله.
(وقال الجنيد: قد مشى رجال باليقين على الماء ومات بالعطش من هو أفضل منهم يقينا.
(وقال أبو بكر الوراق: اليقين على ثلاثة أوجه: يقين خبر ويقين دلالة ويقين مشاهدة يريد بيقين الخبر: سكون القلب إلى خبر المخبر وتوثقة به وبيقين الدلالة: ما هو فوقه: وهو أن يقيم له مع وثوقه بصدقه الأدلة الدالة على ما أخبر به وهذا كعامة أخبار الإيمان والتوحيد والقرآن فإنه سبحانه مع كونه أصدق الصادقين يقيم لعباده الأدلة والأمثال والبراهين على صدق أخباره فيحصل لهم اليقين من الوجهين: من جهة الخبر ومن جهة الدليل فيرتفعون من ذلك إلى الدرجة الثالثة وهي يقين المكاشفة بحيث يصبر المخبر به لقلوبهم كالمرئي لعيونهم فنسبة الإيمان بالغيب حينئذ إلى القلب: كنسبة المرئي إلى العين وهذا أعلى أنواع المكاشفة وهي التي أشار إليها عامر بن عبد قيس في قوله: لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا وليس هذا من كلام رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا من قول علي كما يظنه من لا علم له بالمنقولات.
إلى قدام بكل خطوة إلى وراء مراحل إلى قدام تنقطع فيها أعناق المطي. أهـ
(معنى حق اليقين وعين اليقين وعلم اليقين:
سئل شيخ الإسلام أبو العباس أحمد بن تيمية رحمه الله عن قوله تعالى حق اليقين وعين اليقين و علم اليقين فما معنى كل مقام منها وأي مقال أعلى؟