الشرط الثاني: لابد أن يكون الرضاع خمس رضعات فأكثر، فإن كان مرة واحدة أو مرتين أو ثلاث مرات أو أربع مرات، فإنه ليس بشيء، ولا يؤثر، فلو أن امرأة أرضعت طفلاً أربع مرات في أربعة أيام كل مرة يشبع، فإنه لا يكون ابناً لها؛ لأنه لا بد من خمس، ولو أرضعته خمس مرات ولو لم يشبع فإنها تكون أماً له ويكون الرضاع محرماً.
الشرط الثالث: لابد أن يكون في زمن الإرضاع، وهو ما قبل الفطام في الحولين، فإن لم يكن في هذا الزمن بأن أرضعته وهو كبير، فإن ذلك لا يؤثر، فلو أن طفلاً له خمس سنوات رضع من امرأة خمس مرات أو عشر مرات، فإنه لا يكون ابناً لها من الرضاع؛ لأنها ليس في زمن الإرضاع.
فهذه الشروط ثلاثة: وإذا ثبت التحريم فإنه ينتشر إلى المرتضع وذريته فقط، ولا ينتشر إلى إخوانه وآبائه وأمهاته، وإنما ينتشر إليه وإلى فروعه فقط وهم ذريته وعلى هذا فيجوز لأخي الطفل الراضع أن يتزوج أخت أخيه من الرضاع، لأنه لا علاقة أو لا تأثير في الرضاع إلا على المرتضع وذريته يعني فروعه.
فأما أصوله وحواشيه: أصوله من آباء وأمهات، حواشيه من إخوة، وأعمام، وأبنائهم، وبناتهم، فإنه لا تأثير لهم في الرضاع، سواء كان أكبر منه أو أصغر منه، وما اشتهر عند العامة من أن أخوته الذين هم أصغر منه يلحقهم حكم الرضاع، فإنه لا صحة له.
بعض العوام يقول: إذا رضع طفل من امرأة صار ابناً لها وصار اخوته الذين من بعده أبناءً لها، وهذا غير صحيح؛ بل جميع اخوته ليس لهم فيها تعلق بوجه من الوجوه.
(حديث علي الثابت في صحيح الترمذي) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: دَعْ ما يريبك إلى ما لا يريبك فإن الصدق طمأنينة و الكذب ريبة ... .
[*] قال الإمام المناوي رحمه الله تعالى في فيض القدير:
(دع ما يريبك) أي يوقعك في الشك والأمر للند ب لما أن توقي الشبهات مندوب لا واجب على الأصح.
(أي ما شككت فيه فدعه، وهذا أصل من أصول الورع، ولهذا كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمر بتمرة فلايأكلها خشية أن تكون من الصدقة.
(حديث أنس رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) قال: مر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بتمرة في الطريق، قال: (لولا أني أخاف أن تكون من الصدقة لأكلتها).