(حديث ابن مسعود رضي الله عنه الثابت في صحيح الترغيب والترهيب) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: ضرب الله مثلا صراطا مستقيما وعن جنبتي الصراط سوران فيهما أبواب مفتحة وعلى الأبواب ستور مرخاة وعند رأس الصراط يقول استقيموا على الصراط ولا تعوجوا، وفوق ذلك داع يدعو كلما هم عبد أن يفتح شيئا من تلك الأبواب قال: ويحك لا تفتحه فإنك إن تفتحه تلجه ثم فسره فأخبر أن الصراط هو الإسلام وأن الأبواب المفتحة محارم الله وأن الستور المرخاة حدود الله والداعي على رأس الصراط هو القرآن والداعي من فوقه هو واعظ الله في قلب كل مؤمن.
فهلا استجبت ـ أخي المسلم ـ لواعظ الله في قلبك؟ وهلا حفظت حدود الله ومحارمه؟ وهلا انتصرت على عدو الله وعدوك، قال تعالى: إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدواً إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير [فاطر:6]
[*] قال خالد بن معدان - رضي الله عنه - قال: ما من من عبد إلا وله عينان في وجهه يبصر بهما أمر الدنيا، وعينان في قلبه يبصر بهما أمر الآخرة، فإذا أراد الله بعبد خيراً، فتح عينيه اللتين في قلبه، فأبصر بهما ما وعد الله بالغيب، وإذا أراد به غير ذلك، تركه على ما فيه ثم قرأ: أم على قلوب أقفالها [محمد:24]
(امقت نفسك في جنب الله:
إن مما يعين بعد الله تعالى على محاسبة النفس أن تمقت نفسك في جنب الله تعالى:
[*] (كان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يقول: رحم الله امرأً أهدى إلي عيوبي وكان يسأل سلمان عن عيوبه، فلما قدم عليه قال: ما الذي بلغك عني مما تكرهه.
قال: أعفني يا أمير المؤمنين فألح عليه، فقال: بلغني أنك جمعت بين إدامين على مائدة وأن لك حلتين حلة بالنهار وحلة بالليل.
قال: وهل بلغك غير هذا؟ قال: لا، قال: أما هذان فقد كفيتهما، وكان يسأل حذيفة ويقول له: أنت صاحب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في معرفة المنافقين فهل ترى علي شيئا من آثار النفاق.
فهو على جلالة قدره وعلو منصبه هكذا كانت تهمته لنفسه رضي الله عنه.
«فكل من كان أرجح عقلا وأقوى في الدين وأعلى منصبًا، كان أكثر تواضعًا»، وأبعد عن الكبر والإعجاب وأعظم اتهامًا لنفسه، وهذا يعتبر نادرًا يعز وجوده.
فقليل في الأصدقاء من يكون مخلصًا صريحًا بعيدًا عن المداهنة متجنبًا للحسد يخبرك بالعيوب ولا يزيد فيها ولا ينقص وليس له أغراض يرى ما ليس عيبا عيبًا أو يخفي بعضها.