(وقال أيضاً: المؤمن قوام على نفسه، يحاسب نفسه لله، وإنما خف الحساب يوم القيامة على قوم حاسبوا أنفسهم في الدنيا، وإنما شق الحساب يوم القيامة على قوم أخذوا هذا الأمر من غير محاسبة.
[*] وقال قتادة في قوله تعالى: وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا [الكهف:28] أضاع نفسه وغبن، مع ذلك تراه حافظاً لماله، مضيعاً لدينه.
[*] وقال ميمون بن مهران: لا يكون العبد تقياً حتى يكون لنفسه أشد محاسبة من الشريك لشريكه، ولهذا قيل: النفس كالشريك الخوان، إن لم تحاسبه ذهب بمالك.
[*] وذكر الإمام أحمد عن وهب قال: مكتوب في حكمة آل داود: حق على العاقل ألا يغفل عن أربع ساعات: ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يخلوا فيها مع إخوانه الذين يخبرونه بعيوبه ويصدقونه عن نفسه، وساعة يخلي فيها بين نفسه وبين لذاتها فيما يحل ويجعل، فإن في هذه الساعة عوناً على تلك الساعات وإجماماً للقلوب.
[*] وكان الأحنف بن قيس يجئ إلى المصباح، فيضع إصبعه فيه ثم يقول: حس يا حنيف، ما حملك على ما صنعت يوم كذا؟ ما حملك على ما صنعت يوم كذا؟
[*] وقال مالك بن دينار: رحمه الله عبداً قال لنفسه: ألست صاحبة كذا؟ ألست صاحبة كذا؟ ثم ألزمها، ثم خطمها، ثم ألزمها كتاب الله عز وجل، فكان لها قائداً.
[*] وقال ابن أبي ملكية: أدركت ثلاثين من أصحاب النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كلهم يخاف النفاق على نفسه، ما منهم أحد يقول إنه على إيمان جبريل وميكائيل!!
(أخي الحبيب: ترقب واعظ الله في قلبك، واستفد من مواعظه أيما استفادة واجعل له من سمعك مسمعاً ومن قلبك موقعاً، وقل له بلسان حالك سمعاً وطاعة، ولك الشكر والامتنان وعلى الخضوع والإذعان، وامتثل خشية الرحمن وامتثال القرآن وجنب نفسك العصيان والخذلان واستحواذ الشيطان قَبلَ أن تقولَ نفسٌ: يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ، فيقالُ: هَيْهَاتَ فَاتَ زَمَنُ الإِمْكَانِ، انتهى الزمان وفات الأوان.
(واعظ الله في القلب: