فإذا قيل أن هناك أناس وهذا أكثر حال المسلمين، يستكثرون من النوافل و هم مقصرون في الواجبات ويقترفون المعاصي فما الحل؟ ليس الحل في ترك النوافل فبتركها يزداد حاله سوءاً فالنوافل تجبر النقص، بل الحل في البقاء على النوافل لكن يصلح حال الواجبات و يصلح حال ترك المحرمات فيمتنع عن المحرمات ويزيد في النوافل. وفي الحديث كما قال ابن حجر عظم قدر الصلاة فإنه ينشأ عنها محبة الله للعبد الذي يتقرب بها وذلك لأنها محل المناجاة والقربى، ولا واسط فيها بين العبد وربه، ولا شيء أقر لعين العبد منها ومن كانت قرة عينه في شيء فإنه يود أنه لا يفارقه ولا يخرج منه لأن فيه نعيمه وبه تطيب حياته وهذا للعابد. إذاً المحافظة على الصلاة فرضاً ونفلاً من أعظم ما يجلب المحبة ومنها قيام الليل. ولا تكاد تجد فريضة إلا وله نوافل (الصلاة- الصيام – الزكاة- الحج- صلة الرحم والبر بالوالدين) حتى المرء إذا قصّر في الواجب وجد ما يعوّض به، لكن لا يمكن للمرء أن يشتغل بالنوافل ويترك الواجبات وهذا من خلل التصور واضطراب الميزان وخلل المنهج.

(وقد بين هذا الحديث صنفان من الناجين الفائزين.

(الصنف الأول: المحب لله مؤد لفرائض الله، وقافٌ عند حدوده.

(الصنف الثاني: المحبوب من الله متقرب إلى الله بعد الفرائض بالنوافل. (وهذا مقصود ابن القيم رحمه الله بقوله: (فإنها موصلة إلى درجة المحبوبية بعد المحبة).

[*] قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله: ولياء الله المقربون قسمان:

ذكر الأول، ثم قال: الثاني: من تقرب إلى الله تعالى بعد أداء الفرائض بالنوافل، وهم أهل درجة السابقين المقربين، لأنهم تقربوا إلى الله بعد الفرائض بالإجتهاد في نوافل الطاعات، والإنكاف عن دقائق المكروهات بالورع، وذلك يوجب للعبد محبة الله كما قال تعالى في الحديث القدسي: لا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فمن أحبه الله رزقه محبته وطاعته والحظوة عنده.

والنوافل المتقرب بها إلى الله تعالى أنواع: وهي الزيادات على أنواع الفرائض كالصلاة والزكاة والصيام والحج والعمرة.

السبب الثالث: دوام ذكره على كل حال، بالسان والقلب والعمل والحال، فنصيبه من المحبة على قدر نصيبه من الذكر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015