وليعلم أن نصيبه من المحبة على حسب نصيبه من هذا الذكر، ولهذا أمر تعالى بالإكثار من ذكره , وأنه سبب للفلاح قال تعالى: (يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُوَاْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيراً لّعَلّكُمْ تُفْلَحُونَ) [الأنفال: 45]،وأثنى على أهل الذكر ومدحهم وأخبر نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه فوق منزلة الجهاد، وجعل الله هذا الذكر حتى بعد العبادات العظيمة وخاتمة الأعمال الصالحة وبعد الصيام قال تعالى: (وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدّةَ وَلِتُكَبّرُواْ اللّهَ عَلَىَ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلّكُمْ تَشْكُرُونَ) [البقرة: 185]، والحج قال تعالى: (فَإِذَا قَضَيْتُمْ مّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ) [البقرة: 200]، والصلاة قال تعالى: (فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصّلاَةَ فَاذْكُرُواْ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِكُمْ) [النساء: 103]، والجمعة إذا انقضت قال تعالى: (فَإِذَا قُضِيَتِ الصّلاَةُ فَانتَشِرُواْ فِي الأرْضِ وَابْتَغُواْ مِن فَضْلِ اللّهِ وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيراً لّعَلّكُمْ تُفْلِحُونَ) [الجمعة: 10]،وهكذا .. ، فالذكر هذا مقارن للأعمال الصالحة {قال تعالى: (وَأَقِمِ الصّلاَةَ لِذِكْرِيَ) [طه: 14]}، و بناء على ذلك فإن ذكر الله تعالى من أعظم ما يوصل إلى محبته عز وجل ..
السبب الرابع: إيثار محابه على محابك عند غلبات الهوى والتسنم إلى محابه وإن صعب المرتقى.
[*] قال ابن القيم في شرح هذه العبارة: (إيثار رضى الله على رضى غيره، وإن عظمت فيه المحن، وثقلت فيه المؤن، وضعف عنه الطول والبدن).
وقال رحمه الله: (إيثار رضى الله عز وجل على غيره، وهو يريد أن يفعل ما فيه مرضاته، ولو أغضب الخلق، وهي درجة الإيثار وأعلاها للرسل عليهم صلوات الله وسلامه، وأعلاها لأولى العزم منهم، وأعلاها لنبينا محمد.
وذا كله لا يكون إلا لثلاثة:
1 ـ قهر هوى النفس.
2 ـ مخالفة هوى النفس.
3 ـ مجاهدة الشيطان وأوليائه.
[*] قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (يحتاج المسلم إلى أن يخاف الله وينهي النفس عن الهوى، ونفس الهوى والشهوة لا يعاقب عليه، بل على أتباعه والعمل به، فإذا كانت النفس تهوى وهو ينهاها، كان نهيه عبادة لله، وعملاً صالحاً) [10/ 635 مجموع الفتاوى]