«ثم بين القلب وبين الرب مسافة» وعليها قطاع تمنع وصول العمل إليه من كبر وإعجاب وإدلال ورؤية العمل ونسيان المنة وعلل خفية لو استقصى في طلبها لرأى العجب ومن رحمة الله تعالى: سترها على أكثر العمال إذ لو رأوها وعاينوها لوقعوا فيما هو أشد منها من اليأس والقنوط والاستحسار وترك العمل وخمود العزم وفتور الهمة.
التقوى شيء عظيم ومنزلة سامية وهي أساس الدين ولا حياة إلا بها بل إن الحياة بغيرها لا تُطاق بل هي أدنى من حياة البهائم فليس صلاحٌ للإنسان إلا بالتقوى، هي كنزٌ عزيز لئن ظفرت به فكم تجد فيه من جوهر شريف وخيرٍ كثير ورزق كريم وفوز كبير وغنمٍ جسيم وملكٍ عظيم، فكأن خيرات الدنيا والآخرة جُمِعَت فجُعِلَت تحت هذه الخصلة الواحدة التي هي التقوى .. !
وتأمل ما في القرآن من ذكرها، فكم عُلِّق بها من خير، وكم وُعِد عليها من خير وثواب، وكم أضيف إليها من سعادة .. !
هذه التقوى ظلالٌ طاب العيش فيها .. هذه التقوى حياة كريمة .. فما هي وما تعريفها وكيف تحصل التقوى وما هي ثمراتها وما درجاتها وما هي الأسباب المعينة عليها .. ؟
[*] (عناصر الفصل:
(تعريف التقوى:
(كيف يستدل على تقوى الرجل؟
(علاقة العلم بالتقوى:
(مراتب التقوى:
(منزلة التقوى:
(وصايا السلف بعضهم بالتقوى:
(علامات التقوى:
(وسائل تحصيل التقوى:
(الأسباب الباعثة على التقوى:
(كيف تكون تقيّاً؟
(من ثمرات التقوى:
(صفات المتقين:
ودونك تفصيل ذلك في إيجازٍ غير مُخِّل:
(تعريف التقوى:
التقوى هي الاسم من التقى والمصدر الاتقاء وهي مأخوذة من مادة وقى فهي من الوقاية، وهي ما يحمي به الإنسان نفسه، وتدل على دفع شيء عن شيء لغيره، فالوقاية ما يقي الشيء، ووقاه الله السوء وقاية أي حفظه ..
وأما المعنى الشرعي: فقد ذكر العلماء في تعريفها عدة عبارات فمن ذلك قولهم ..
(أن تجعل بينك وبين ما حرم الله حاجباً وحاجزاً ..
(امتثال أوامر الله واجتناب النواهي فالمتقون هم الذين يراهم الله حيث أمرهم، ولا يقدمون على ما نهاهم عنه ..
[*] قال ابن رجب رحمه الله: وأصل التقوى أن يجعل العبد بينه وبين ما يخافه ويحذره وقاية تقيه منه، فتقوى العبد لربه أن يجعل بينه وبين ما يخشاه من ربه، من غضبه وسخطه وعقابه وقاية تقيه من ذلك، وهو فعل طاعته واجتناب معاصيه.