[*] وقال القشيري: فالتقوى جماع الخيرات. وحقيقة الاتقاء: التحرر بطاعة الله من عقوبته، وأصل التقوى: اتقاء الشرك، ثم بعد ذلك اتقاء المعاصي والسيئات، ثم بعد ذلك اتقاء الشبهات، ثم بعد ذلك ترك الفضلات.
[*] وقال ابن مسعود في معنى قوله تعالى: (ا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ) (آل عمران:102): أن يطاع فلا يعصى، ويذكر فلا ينسى، ويشكر فلا يكفر.
وقال سهل بن عبد الله: من أراد أن تصح له التقوى فليترك الذنوب كلها.
[*] وقال الروذباري: التقوى: مجانبة ما يبعدك عن الله.
(والتقوى هي الخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل، والقناعة بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل ..
(التقوى أن يجعل المسلم بينه وبين ما يخشاه من ربه من غضبه وسخطه وعقابه وقاية تقيه من ذلك وذلك بفعل طاعته واجتناب معاصيه ..
("وقد سأل عمر رضي الله عنه أُبَي بن كعب فقال له: ما التقوى؟ فقال أُبَي: يا أمير المؤمنين أما سلكت طريقاً فيه شوك؟ قال: نعم .. قال: ما فعلت؟ .. قال عمر: أشمّر عن ساقي وأنظر إلى مواضع قدمي وأقدم قدما وأؤخر أخرى مخافة أن تصيبني شوكة .. فقال أُبَي بن كعب: تلك التقوى .. ! "، فهي تشمير للطاعة ونظر في الحلال والحرام وورع من الزلل ومخافة وخشية من الكبير المتعال سبحانه وتعالى ..
(فالتقوى هي أساس الدين، وبها يرتقى إلى مراتب اليقين، هي زاد القلوب والأرواح فبها تقتات وبه تتقوى وعليها تستند في الوصول والنجاة ..
قال ابن المعتز:
خَلِّ الذنوبَ صغيرها ... وكبيرها ذاك التقى
واصنع كَمَاشٍ فوق أرض الشوك ... يَحْذرُ ما يرى
لا تحقِرنَّ صغيرةً ... إن الجبالَ من الحصى
(وتارة تضاف التقوى إلى اسم الله عز وجل كقوله {واتقوا الله}، فإذا أضيفت التقوى إليه سبحانه فالمقصود اتقوا سخطه وغضبه، ليس المقصود اتقوا القرب منه ولا اتقوا شرعه لكن اتقوا عذابه وسخطه، وعن ذلك ينشأ عقابه الدنيوي والأخروي كما قال تعالى: (وَيُحَذّرْكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ) [آل عمران: 28]، و قال تعالى: (هُوَ أَهْلُ التّقْوَىَ وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ) [المدثر: 56]، هو أهلٌ أن يتقى وأن يخشى وأن يهاب وأن يجلّ وأن يعظّم سبحانه وتعالى وأن يعظم في صدور عباده حتى يعبدوه ويطيعوه لأنه المستحق للجلال والإكرام وهو صاحب الكبرياء والعظمة وقوة البطش ..