وفي اللفظة معنى الإسراع والرجوع والتقدم و (المنيب) إلى الله: المسرع إلى مرضاته الراجع إليه كل وقت المتقدم إلى محابه.
(علامات الإنابة:
مسألة: ما هي علامات الإنابة؟
[*] (قال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه مدارج السالكين:
(ومن علامات الإنابة: ترك الاستهانة بأهل الغفلة والخوف عليهم مع فتحك باب الرجاء لنفسك فترجو لنفسك الرحمة وتخشى على أهل الغفلة النقمة ولكن ارج لهم الرحمة واخش على نفسك النقمة فإن كنت لا بد مستهينا بهم ماقتاً لهم لانكشاف أحوالهم لك ورؤية ما هم عليه فكن لنفسك أشد مقتا منك لهم وكن لهم أرجى لهم لرحمة الله منك لنفسك.
قال بعض السلف: لن تفقه كل الفقه حتى تمقت الناس في ذات الله ثم ترجع إلى نفسك فتكون لها أشد مقتا.
وهذا الكلام لا يفقه معناه إلا الفقيه في دين الله فإن من شهد حقيقة الخلق وعجزهم وضعفهم وتقصيرهم بل تفريطهم وإضاعتهم لحق الله وإقبالهم على غيره وبيعهم حظهم من الله بأبخس الثمن من هذا العاجل الفاني لم يجد بدا من مقتهم ولا يمكنه غير ذلك البتة ولكن إذا رجع إلى نفسه وحاله وتقصيره وكان على بصيرة من ذلك: كان لنفسه أشد مقتا واستهانة فهذا هو الفقيه.
(وأما الاستقصاء في رؤية علل الخدمة: فهو التفتيش عما يشوبها من حظوظ النفس «وتمييز حق الرب منها من حظ النفس» ولعل أكثرها أو كلها أن تكون حظا لنفسك وأنت لا تشعر.
فلا إله إلا الله كم في النفوس من علل وأغراض وحظوظ تمنع الأعمال: أن تكون لله خالصة وأن تصل إليه! وإن العبد ليعمل العمل حيث لا يراه بشر البتة وهو غير خالص لله ويعمل العمل والعيون قد استدارت عليه نطاقا وهو خالص لوجه الله ولا يميز هذا إلا أهل البصائر وأطباء القلوب العالمون بأدوائها وعللها.
«فبين العمل وبين القلب مسافة» وفى تلك المسافة قطاع تمنع وصول العمل إلى القلب فيكون الرجل كثير العمل وما وصل منه إلى قلبه محبة ولا خوف ولا رجاء ولا زهد في الدنيا ولا رغبة في الآخرة ولا نور يفرق به بين أولياء الله وأعدائه وبين الحق والباطل ولا قوة في أمره فلو وصل أثر الأعمال إلى قلبه لاستنار وأشرق ورأى الحق والباطل وميز بين أولياء الله وأعدائه وأوجب له ذلك المزيد من الأحوال.