وشيئاً فشيئاً بدأت أتوضّأ، وأنتظم في أداء الصلاة، وبدأت أدخل في نوبات بكاء حادّ ومتواصل أثناء صلاتي، دون أن أدري لذلك سبباً. ومع كلّ هذه البكاء، وتلك الصلاة، كنت أذهب إلى صالة الرقص، لأنّني ملتزمة بعقد، وفي مسيس الحاجة إلى ما يدرّه عليّ من دخل.

وظللت على هذه الحال: أصلّي، وأبكي، وأذهب إلى الصلاة، حتّى شعرت بأنّ الله سبحانه وتعالى يريد لي التوبة من هذا العمل، عندها أحسست بكرهي الشديد للبدلة التي أرتديها أثناء عملي.

كنت كثيراً ما أستفتي قلبي: هل بدلة الرقص التي أرتديها يمكن أن أنزل بها إلى الشارع؟ فكنت أجيب نفسي، وأقول: طبعاً لا، وبعد عشرين سنة من الرقص، لم يمنعني عملي المحرّم أن أميّز بين الحلال والحرام. إنّ الحلال والحرام بداخلنا، ونعرفهما جيداً حتّى دون أن نسأل أهل العلم.

لكنّ الشيطان يزيّن لنا طريق الحرام حتّى يغرقنا فيه.

كانت هناك رسائل ذات معنى أرسلها الله سبحانه لي حتّى أستيقظ من الغفلة التي أحاطتني من كلّ جانب.

كان الحادث الذي تعرّضت له هو أوّل هذه الرسائل .. وبسبب هذا الحادث قُطع الشريان الذي بين الكعب والقدم، وقال لي أحد الأطباء: بحسب التقرير، وحسب العلم الذي تعلّمناه، سوف تعيشين بقيّة حياتك على عكّاز.

وبعد فكّ الضماد وجدتني أسير بطريقة طبيعية وسليمة مع تساوي قدميّ كما أفادت التقارير الطبيّة.

اعتبرت ذلك رسالة لها معنى من الله سبحانه وتعالى وأنّ قدرته المعجزة فوق كلّ شيء، فقد نجوت من موت محقّق، ونجوت من عمليّات كثيرة في قدمي كان من الممكن أن أعيش بعدها عاجزة.

أمّا الرسالة الثانيّة فقد كانت أشدّ وضوحاً، أرسلها الله إليّ عن طريق صديقة ابنتي في المدرسة عند ما عيّرتها بمهنتي، وجاءت ابنتي تبكي، فبكيت معها، وتأكدّ لي أنّ مهنتي غير مقبولة في المجتمع.

ثم جاءت الرسالة الثالثة، وكان لها صوت عالٍ بداخلي، فكثيراً ما كنت أحدّث نفسي أنّني أريد أن أربّي ابنتي من مال حلال، وأن أعلّمها القيم والمثل والأخلاق الفاضلة، وكنت أسخر من نفسي، وأقول: وأيّ قيم سوف أعلّمها ابنتي وأنا أقوم بذلك العمل.

ثمّ مرضت ابنتي، فكنت أهرع إلى سجّادة الصلاة .. أركع، وأسجد، وأدعو الله أن يشفيها. وبعد أن شفيت، كان لا بدّ من التفكير في الاعتزال النهائي، لأنّه لا يجتمع في قلب المؤمن إيمان وفجور، ولأنّ الصورة أصحبت واضحة تماماً أمامي، ولا تحتاج إلى تفسير آخر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015