مسألة: هل فعل المعاصي يسوغ التهاون بالطاعات اليسيرة؟

الجواب:

فقد مر قبل قليل أن فعل المحرمات لا يسوغ ترك الطاعات، ومر في الفقرة الماضية أن فعل المعاصي لا يسوغ الاستهانة بها.

والحديث في هذه الفقرة مكمل للحديث في الفقرتين المذكورتين؛ فكما أنه لا يجوز للإنسان ترك الواجبات، ولا الاستهانة بالمحرمات فكذلك لا يليق به أن يتهاون بالطاعات اليسيرة؛ بحجة أنه واقع في أمور كبيرة؛ فقد يعمل عملاً يسيراً في نظره كإماطة الأذى عن الطريق، وكصلة الأرحام، أو العطف على المساكين فيكون ذلك سبباً لمغفرة ذنوبه، خصوصاً إذا قام بقلبه الإخلاص، وصدق الإقبال؛ فالأعمال لا تتفاضل بصورها وعددها، وإنما تتفاضل بتفاضل ما في القلوب؛ فتكون صورتها العملية واحدة، وبينهما في التفاضل كما بين السماء والأرض.

ومما يقرر هذا المعنى، ويشهد له ما جاء في حديث البغي.

غفر لأمرأة مومسة، مرت بكلب على رأس ركي، يلهث، قال: كاد يقتله العطش، فنزعت خفها، فأوثقته بخمارها، فنزعت له من الماء، فغفر لها بذلك.

(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: بينما رجل يمشي بطريق، اشتد عليه العطش، فوجد بئراً فنزل فيها، فشرب ثم خرج، فإذا كلب يلهث، يأكل الثرى من العطش، فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ بي، فنزل البئر فملأ خفه ثم أمسكه بفيه، فسقى الكلب فشكر الله له فغفر له). قالوا: يا رسول الله، وإن لنا في البهائم أجراً؟ فقال: في كل ذات كبد رطبة أجر.

(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: بينما كلب يُطيف (?) برُكيَّة (?) كاد يقتله العطش؛ إذ رأته بغيٌّ من بغايا بني إسرائيل، فنزعت موقها (?) واستقت له به، فسقته إياه، فَغُفر لها به.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015