وحاصله أن المؤمن يغلب عليه الخوف؛ لقوة ما عنده من الإيمان؛ فلا يأمن العقوبة بسببها، وهذا شأن المسلم أنه دائم الخوف والمراقبة، يستصغر عمله الصالح، ويخشى من صغير عمله السيىء+ (¬1).

(وقال ابن حجر في قوله: =وإن الفاجر، يرى ذنوبه كذباب .. : أي ذنبه سهل عنده، لا يعتقد أنه يحصل له بسببه كبير ضرر، كما أن ضرر الذباب عنده سهل، وكذا دفعه عنه (¬2).

(وقال في قوله: فقال به هكذا: أي نحَّاه بيده أو دفعه: هو من إطلاق القول على الفعل، قالوا: وهو أبلغ (?).

(وقال في قوله: بيده على أنفه: هو تفسير منه لقوله فقال به.

[*] (قال المحب الطبري رحمه الله تعالى: إنما كانت هذه صفة المؤمن؛ لشدة خوفه من الله ومن عقوبته؛ لأنه على يقين من الذنب، وليس على يقين من المغفرة.

[*] (وقال ابن أبي جمرة: السبب في ذلك أن قلب الفاجر مظلم؛ فوقوع الذنب خفيف عنده، ولهذا تجد من يقع في المعصية إذا وعظ يقول: هذا سهل.

(وقال: ويستفاد من الحديث أن قلة خوف المؤمن ذنوبه، وخفته عليه يدل على فجوره.

(وقال: والحكمة في تشبيه ذنوب الفاجر بالذباب كون الذباب أخف الطير، وأحقره، وهو مما يعاين ويدفع بأقل الأشياء.

(وقال: وفي ذكر الأنف مبالغة في اعتقاده خفة الذنب عنده؛ لأن الذباب قلما ينزل على الأنف، وإنما يقصد غالباً العين.

(وقال: وفي إشارته بيده تأكيد للخفة أيضاً لأنه بهذا القدر اليسير يدفع ضرره (?).

[*] (قال ابن حجر رحمه الله تعالى: قال ابن بطال: يؤخذ منه أنه ينبغي أن يكون المؤمن عظيم الخوف من الله تعالى من كل ذنب صغيراً كان أو كبيراً؛ لأن الله_تعالى_قد يعذب على القليل؛ فإنه لا يُسأل عما يفعل_سبحانه وتعالى (?).

(حديث أنس رضي الله عنه الثابت في صحيح البخاري) قال: إنكم لتعملون أعمالاً، هي أدق في أعينكم من الشعر، إن كنا لنعدها على عهد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الموبقات.

والحاصل أنه لا يجوز للمؤمن أن يستهين بذنب مهما صغُر؛ فإن امرأة دخلت النار في هرة.

(حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في الصحيحين) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: دخلت امرأة النار في هرة ربطتها، فلم تطعمها، ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض.

لا تحقرن من الذنوب أقلها ... إن القليل إلى القليل كثير (?)

(فعل المعاصي لا يسوغ التهاون بالطاعات اليسيرة:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015