الجواب: الواجب على العبد أن يتوب من جميع الذنوب صغيرها وكبيرها، فإذا تاب من بعضها مع إصراره على بعضها الآخر قبلت توبته مما تاب منه، ما لم يُصرَّ على ذنب آخر من نوعه.
أما إذا تاب من ذنب مع مباشرة ذنب آخر لا تعلق له به ولا هو من نوعه صحت توبته مما تاب منه.
مثال ذلك أن يتوب من الربا، وهو مصر على السرقة وشرب الخمر، فتقبل توبته من الربا.
أما إذا تاب من نوع من أنواع الربا وهو مصر على نوع آخر منه، أو تاب من نوع منه، وانتقل إلى نوع آخر فلا تقبل توبته كحال من يتوب من ربا الفضل وهو مصر على ربا النسيئة، أو أن ينتقل من ربا الفضل إلى ربا النسيئة، وكحال من يتوب من الزنا بامرأة، وهو مصر على الزنا بأخرى؛ فإن توبته لا تصح؛ فهو لم يتب في الحقيقة من الذنب، وإنما عدل عن نوع منه إلى نوع آخر.
وقد يتصور أن يتوب الإنسان من الكثير من الذنوب دون القليل؛ لأن لكثرة الذنوب تأثيراً في كثرة العقوبة، وصعوبة التوبة (?).
وبالجملة فكل ذنب له توبة خاصة، وهي فرض منه لا تتعلق بالتوبة من غيره؛ فهذه هي التوبة الخاصة.
وحكمها أنها تصح فيما تاب منه؛ شريطة أن يكون التائب باقياً على أصل الإيمان.
وسر المسألة أن التوبة تتبعض كالمعصية؛ فيكون تائباً من وجه دون وجه كالإسلام والإيمان (?).
وهذا هو قول جمهور أهل السنة والجماعة (?).
ثم إن على العبد إذا وفقه الله لترك ذنب من الذنوب أن يسعى في التخلص من الباقي؛ لأن الإصرار على الذنوب يقود إلى ذنوب أخرى؛ فالحسنة تهتف بأختها، والسيئة كذلك.
مسألة: كيف يتوب من اغتصب مالاً؟
أما توبة من اغتصب مالا فعليه رد هذا المال لأصحابه، فإن تعذر عليه رده لجهله بأصحابه، أو لانقراضهم، أو لغير ذلك فعليه أن يتصدق بتلك الأموال عن أربابها، فإذا كان يوم استيفاء الحقوق كان له الخيار بين أن يجيزوا ما فعل، وتكون أجورها لهم، وبين ألا يجيزوا ويأخذوا من حسناته بقدر أحوالهم ويكون ثواب تلك الصدقة له إذا لا يبطل الله سبحانه ثوابها.
فقد روى عن ابن مسعود - رضي الله عنه - اشترى من رجل جارية ودخل يزن له الثمن فذهب رب الجارية، فإن رضي فالأجر له وإن أبى فالأجر لى وله من حسناتي بقدره.