ومن أثر التهاون بالإرشاد أن يتمادى المفسدون في لهوهم، ولا يقفوا في اتباع شهواتهم عند غاية؛ فتقع أعين الناس على هذه المناكر كثيراً، فتألفها قلوبهم، حتى لا يكادوا يشعرون بقبح منظرها، أو يتفكروا في سوء عاقبتها.

ومن أثر هذا أن يقبل عليهم الحق بنوره الساطع ووجهه الجميل، فتجفل منه طباعهم، وتجفوه أذواقهم لأول ما يُشْرف عليها (?).

وإذا كان الأمر كذلك كان لزاماً على الأمة أفراداً وجماعات أن تتوب من التقصير في الدعوة إلى الله، وأن يقوم كل فرد بحسبه بما أوجب الله عليه من نصرة دين الله، هذا بلسانه، وهذا بقلمه، وهذا بماله، وهذا بجاهه، ولكل وجهة هو موليها، وقد علم كل أناس مشربهم.

هذه بعض الأخطاء التي تقع في باب التوبة، وسيأتي_ضمناً_في الفصل الآتي مزيد بيان لبعض الأخطاء.

(مسائلٌ هامة في التوبة:

مسألة: ما هي التوبة الواجبة والتوبة المستحبة؟

التوبة الواجبة تكون من فعل المحرمات وترك الواجبات، والمستحبة تكون من فعل المكروهات، وترك المستحبات.

فمن اقتصر على التوبة الأولى كان من الأبرار المقتصدين، ومن تاب التوبتين كان من السابقين المقربين، ومن لم يأت بالأولى كان من الظالمين: إما الكافرين، وإما الفاسقين (?).

مسألة: ما هي التوبة النصوح؟

التوبة النصوح: هي الخالصة، الصادقة، الناصحة، الخالية من الشوائب، والعلل، وهي التي تكون من جميع الذنوب؛ فلا تدع ذنباً إلا تناولته، وهي التي يجمع صاحبها العزم والصدق بكليته عليها؛ بحيث لا يبقى عنده تردد، ولا تلوُّمٌ، ولا انتظار، وهي التي تقع؛ لمحض الخوف من الله، وخشيته، والرغبة فيما لديه، والرهبة مما عنده؛ فليست لحفظ الجاه، والمنصب، والرياسة، ولا لحفظ الحال، أو القوة، أو المال، ولا لاستدعاء حمد الناس، أو الهرب من ذمهم، أو لئلا يتسلط عليه السفهاء، ولا لقضاء النهمة من الدنيا، أو للإفلاس والعجز، ونحو ذلك من العلل التي تقدح في صحتها، وخلوصها لله تعالى، فمن كانت هذه حاله غفرت ذنوبه كلها، وإذا حسنت توبته بدل الله سيئاته حسنات (?).

مسألة: إذا تاب العبد من بعض الذنوب مع إصراره على بعضها الآخر، فهل تُقْبل توبته مما تاب منه؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015