[*] (قال شيخ الإسلام ابن تيمية عن المحتجين بالقدر: هؤلاء القوم إذا أصروا على هذا الاعتقاد كانوا أكفر من اليهود والنصارى (?).

وبالجملة فالاحتجاج بالقدر إنما يُسَوِّغُ عند المصائب لا المعائب؛ فالسعيد يستغفر من المعائب، ويصبر على المصائب، كما قال تعالى: (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ) [غافر: 55].

والشقي يجزع عند المصائب، ويحتج بالقدر على المعائب+ (?).

[*] (قال ابن أبي العز الحنفي رحمه الله تعالى: فما قدّر من المصائب يجب الاستسلام له؛ فإنه من تمام الرضا بالله ربَّاً، وأما الذنوب فليس لأحد أن يذنب، وإذا أذنب فعليه أن يستغفر ويتوب؛ فيتوب من المعائب، ويصبر على المصائب (?).

وممن يُسَوِّغُ له الاحتجاج بالقدر التائب من الذنب؛ فلو لامه أحد على ذنب تاب منه ثم قال التائب: هذا بقضاء الله وقدره، وأنا تبت واستغفرت لقبل منه ذلك الاحتجاج (?).

(12) توبة الكذابين: الذين يهجرون الذنوب هجراً مؤقتاً يتحينون فيه الفرص لمعاودة الذنب؛ حيث يتركون الذنوب التي كانوا يرتكبونها إما لمرض، أو عارض، أو خوف، أو رجاء جاه، أو خوف سقوطه، أو عدم تمكن؛ فإذا واتَتْهُم الفرصة رجعوا إلى ذنوبهم.

فهذه توبة الكذابين، وليست بتوبة في الحقيقة.

ولا يدخل في ذلك من تاب فحدثته نفسه بالمعصية، أو أغواه الشيطان بفعلها ثم فعلها، فندم وتاب؛ فهذه توبة صادقة كما مر قبل قليل عند الحديث عن ترك التوبة مخافة الرجوع إلى الذنب.

كما لا يدخل في التوبة الكاذبة الخطراتُ ما لم تكن فعلاً محققاً.

(13) قلة العناية بالتائبين: فهناك من الأخيار والصالحين من لا يأبه بشأن التائبين، فقد يتوب قريب لهم، أو جار، أو صاحب قديم، أو مَنْ بينهم وبينه معرفة، أو غير هؤلاء.

ومع ذلك قد لا تجد من الأخيار من يأخذ بيد التائب، ويعينه على نفسه؛ حتى يستديم التوبة، ويلزم طريق الاستقامة.

بل ربما نفروا منه، ونظروا إليه بعين الريبة.

ومن هنا يخذل التائب، فلا يجد من يعينه، ويثبته، ويجيب عن إشكالاته.

وهذا الخذلان قد يتسبب في ضعف التائب، ونكوصه على عقبيه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015