ولهذا كان من دعاء نبي الله إبراهيم وابنه إسماعيل_عليهما السلام_: [رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ] البقرة: 128.

وكان من دعاء نبينا محمد": =رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب

(6) العلم:

فالعلم نور يُسْتَضَاءُ به، ويُنظر من خلاله إلى الأمور على حقيقتها.

والعلم يَشْغَل صاحبه بكل خير، ويُشْغله عن كل شر؛ فإذا فُقِد العلم فقدت البصيرة، وحل الجهل، وانطمست المعالم أمام الإنسان، واختل ميزان الفضيلة والرذيلة عنده؛ فلم يعد يفرق بين ما يضره وما ينفعه، فيصبح بذلك عبداً للشهوة، أسيراً للهوى؛ فما أتي الإنسان من باب كما يؤتى من باب الجهل؛ فحري بالعاقل الناصح لنفسه ألا يبخس حظه من العلم، وأن ينال ولو قدراً يسيراً منه.

ومن العلم في هذا السياق العلم بعاقبة المعاصي، وقبحها، ورذالتها، ودناءتها، وأن الله إنما حرمها ونهى عنها صيانة وحماية عن الدنايا والرذائل كما يحمي الوالدُ الشفيقُ ولدَه عما يضره.

وهذا السبب يحمل العاقل على تركها ولو لم يُُعَلَّقْ عليها وعيدٌ بالعذاب (?).

ومن العلم أيضاً أن يعلم بفضل التوبة والرجوع إلى الله عز وجل.

ثم إن في العلم سلوة، وراحة، ولذة، وأنساً لا يوجد في غيره، فهو أعلى اللذات العقلية، واللذاتُ العقلية أكمل، وأروع، وأنفع من اللذات الجسدية.

ولهذا يجد أهل العلم من اللذة في العلم ما لا يحاط به، أو يقدر على وصفه، يقول الإمام الشافعي رحمه الله تعالى مبيناً عظم اغتباطه بالعلم، ولذته وفرحه به:

سهري لتنقيح العلوم ألذُّ لي ... من وصل غانية وطيب عناق

صرير أقلامي على صفحاتها ... أحلى من الدوكاء والعشاق

وألذ من نقر الفتاة لدُفِّها ... نقري لألقي الرمل عن أوراقي

وتمايلي طرباً لحل عويصةٍ ... في الدرس أشهى من مدامة ساقي

وأبيت سهران الدجى وتبيته ... نوما وتبغي بعد ذاك لحاقي (?)

(7) الاشتغال بما ينفع وتجنب الوحدة والفراغ:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015