ولكن ينبغي أن يكون فيها كأنه على جناح سفر يهيىء جهازه للرحيل، وقد اتفقت على ذلك وصايا الأنبياء وأتباعهم (?).
[*] قال ابن عقيل رحمه الله: ما تصفو الأعمال والأحوال إلا بتقصير الآمال، فإن كل من عدّ ساعته التي هو فيها كمرض الموت، حسنت أعماله، فصار عمره كله صافيا.
[*] (وقال ابن الجوزي رحمه الله تعالى: من تَفَكَّر في عواقب الدنيا أخذ الحذر، ومن أيقن بطول الطريق تأهب للسفر (?).
(وقال أيضاً: أعجب الأشياء اغترار الإنسان بالسلامة، وتأميله الإصلاح فيما بعد.
وليس لهذا الأمل منتهى، ولا للاغترار حَدٌّ؛ فكلما أصبح وأمسى معافى زاد الاغترار وطال الأمل (?).
[*] (وقال ابن القيم رحمه الله تعالى: صدق التأهب للقاء الله من أنفع ما للعبد وأبلغه في حصول استقامته؛ فإن من استعد للقاء الله انقطع قلبه عن الدنيا، وما فيها ومطالبها، وخمدت من نفسه نيران الشهوات، وأخبت قلبه إلى الله، وعكفت همته على الله، وعلى محبته، وإيثار مرضاته، واستحدثت همة أخرى، وعلوماً أخر، ووُلِد ولادة أخرى تكون نسبة قلبه فيها إلى الدار الآخرة كنسبة جسمه إلى هذه الدار بعد أن كان في بطن أمه، فيولد قلبه ولادة حقيقية كما ولد جسمه حقيقة.
وكما كان بطن أمه حجاباً لجسمه عن هذه الدار فهكذا نفسه وهواه حجاب لقلبه عن الدار الآخرة؛ فخروج قلبه عن نفسه بارزاً إلى الدار الآخرة كخروج جسمه عن بطن أمه بارزاً إلى هذه الدار (?).
(إلى أن قال: والمقصود أن صدق التأهب هو مفتاح جميع الأعمال الصالحة، والأحوال الإيمانية، ومقامات السالكين إلى الله، ومنازل السائرين إليه، من اليقظة، والتوبة، والإنابة، والمحبة، والرجاء، أو الخشية، والتفويض، والتسليم، وسائر أعمال القلوب والجوارح؛ فمفتاح ذلك كله صدقُ التأهب والاستعداد للقاء الله، والمفتاح بيد الفتاح العليم، لا إله غيره، ولا ربَّ سواه (?).