- ومن الأمثلة ماذكره السمعاني في كتابه: (أدب الإملاء والإستملاء) عن بعض المحدثين (وهذا المثال يدل على أنه لايصرف شيئاً من وقته إلا في الطلب أو الذكر من استغفار أو تسبيح أو تهليل , فقديماً كانت حلقات العلم يحضرها الجمع الغفير من الناس , فقد ورد أن مجلس محمد ابن إسماعيل كان يحضره عشرون ألفاً، وذكر السمعاني أن المعتصم الخليفة العباسي المشهور رأى حلقة من حلقات العلم , فهاله كثرة الجمع , فأمر بأن يحصى العدد فلم يستطع العاد أن يحصيهم عدداً فأمر بحرزهم فحرزوا المجلس عشرين ألفا ومائة ألف.
والشاهد من هذا الأثر: أن السمعاني رحمه الله تعالى ذكر أن المحدث كان إذا قال: حدثنا وكيع , ثم بدأ المستمعون ينقلون هذه الكلمة , كان المحدث في هذه اللحظة لا يضيع وقته , بل يستغفر الله ويسبح الله حتى ترجع عليه الكرة مرة اخرى.
فانظر إلى هذه الثواني التي أبى أن يُفَرِّطَ فيها , ثم انظر كيف تذهب علينا أيام وساعات كثيرة لا نشعر بها!
[*] • ويقول بعضهم عن عبد الله ابن الأمام احمد: (والله ما رأيته إلا مبتسماً أو قارئاً أو مطالعاً)
[*] • ذكر الذهبي عندما ترجم لعبد الوهاب بن الوهاب بن الأمين: أن أوقاته كانت محفوظة , فلا تمضي له ساعة إلا في قراءة أو ذكر أو تهجد أو تسميع.
• ومن الآثار العجيبة التي تبين مدى حرصهم على استغلال اوقاتهم ماذكره الذهبي في كتابه ((السير)) عن داوود بن أبي هند رحمه الله: (انه كان يقول: (كنت وأنا غلام أختلف إلى السوق , فإذا انقلبت إلى البيت جعلت على نفسي أن اذكر الله إلى مكان كذا وكذا , فإذا بلغت إلى ذلك المكان جعلت على نفسي أن اذكر الله كذا وكذا .... حتى آتي المنزل.
وقصده انه يستغل وقته في هذه اللحظات التي ستمر من عمره.
[*] • ويقول غيره عن الخطيب البغدادي: (ما رأيت الخطيب إلا وفي يده كتاب يطالعه).
[*] • قال يحيى بن القاسم: كان ابن سكينة عالماً عاملاً لا يضيع شيئاً من وقته، وكنا إذا دخلنا عليه يقول: لا تزيدوا على (سلام عليكم، مسألة) أي: لكثرة حرصه على المباحثة وتقرير الأحكام كان يقول لتلامذته ولإخوانه ومن أراد أن يأتي يستفيته: لا تزيدوا على هذه الكلمات: (سلام عليكم، مسألة) أي: ويدخل في الموضوع.