وعلى سنن من سبق مضى شيخ الطب في زمانه ابن النفيس رحمه الله، يقول عنه الإمام التاج السبكي: وأما الطب فلم يكن على وجه الأرض مثله، قيل: ولا جاء بعد ابن سيناء مثله. قال: وكان في العلاج أعظم من ابن سيناء. هذا الطبيب الرائد ابن النفيس صنف كتاباً في الطب سماه: (الشامل)، يقول فيه التاج السبكي: لو تم لكان ثلاثمائة مجلد، تم منه ثمانون مجلداً، وكان ـ فيما يذكر ـ يملي تصانيفه من ذهنه. فكيف تم له ذلك؟ ومن أين له هذه المنزلة؟! لقد كان رحمه الله تعالى إذا أراد التصنيف توضع له الأقلام مبرية، ويدير وجهه إلى الحائط، ويأخذ في التصنيف إملاءً من خاطره، ويكتب مثل السيل إذا انحدر، فإذا كل القلم وحفي فليس عنده وقت يبري القلم، وإنما يرمي القلم ويتناول غيره؛ لئلا يضيع زمانه في بري القلم. ......
• حرص الإمام السيوطي على وقته رحمه الله:
يظهر مدى حرص الإمام السيوطي رحمه الله تعالى على وقته ظهوراً بيناً في كثرة مؤلفاته وعِظم قدرها وندرةِ فوائدها إذا لو لم يكن أشح على وقته من دراهمه لما استطاع تحصيل هذا العلم الجم الواسع الغزير ولما استطاع تصنيفه بعد تحصيله، ولا أرى ذلك إلا من توفيق الله تعالى له، فليس كل أحدٍ يُوَفَّقُ للخير.
وكان السيوطي رحمه الله تعالى يلقب بابن الكتب، طلب أبوه إلى أمه أن تأتيه بكتاب من المكتبة، فذهبت أم الإمام السيوطي إلى المكتبة حتى تحضر الكتاب لأبيه، فأجاءها المخاض في المكتب، فولدته بين الكتب، فلذلك لقب بابن الكتب، ولقد طبق عليه ذلك اللقب حتى صار رحمه الله أبا الكتب، ووصلت مصنفات الإمام السيوطي نحو ستمائة، غير ما رجع عنه ومحاه من الكتب. ......
• حرص عبيد بن يعيش على وقته:
[*] • قال عبيد بن يعيش: أقمت ثلاثين سنة ما أكلت بيدى بالليل، كانت أختى تلقمنى وأنا أكتب الحديث.
• حرص جمال الدين القاسمي على وقته رحمه الله:
[*] • الإمام جمال الدين القاسمي رحمه الله عاش قرابة خمسين سنة وألف ما يزيد عن خمسين مؤلفاً وكانت حياته زاخرة بالعلم والدعوة والكفاح، ومع ذلك كان يقول: يا ليت الوقت يباع فأشتريه.