أما الآن فنعجب مما يحصل من بعض الإخوة، حيث نسمع أحياناً في أشرطة مسجلة حوارات مع العلماء ومع الشيوخ: كيف الحال؟! وكيف الأولاد؟! وكيف الصحة؟! وسمعنا كذا. ويظل السائل يقدم مقدمات طويلة، وفي الآخر يجود بأن يسأل سؤاله، فأمثال هؤلاء العلماء وقتهم ليس ملكاً لنا، ولا ملكاً لأنفسهم، إنما هو ملك الدعوة وملك العلم والوظائف الشريفة، فأحب شيء إلى مثل هؤلاء -بلا شك- أنك تختصر مثل هذا الاختصار، ويمكن أن تزيد: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وإن كان هذا الإمام يطلب أن يقال: (السلام عليكم) فقط لأجل حرصه على الاختصار في الكلام بقدر المستطاع. والمجتمع الذي يصل إلى هذا المستوى في استيعاب قيمة الوقت وعدم إهدار الوقت هو الأقرب للكتاب والسنة، ولهدي السلف الصالح رحمهم الله تعالى.
[*] • قال الشيخ العلامة محمد بن راشد الغاربي: اختار كثير من علماء السلف بحسب ما رأينا في تراجمهم أن يأكلوا الطعام الذي لا يحتاج إلى هضم كثير حتى لا تذهب أوقاتهم سدى في مضغ الطعام، إن كان يحتاج إلى مضغ كثير، فكانوا يعمدون إلى الأطعمة التي تهضم بسرعة، ولا يعمدون إلى الأطعمة التي تحتاج إلى هضم أكثر لان ذلك يؤدي إلى ضياع شيء من أوقاتهم.
فأين نحن من هؤلاء العلماء الذين يحرصون على كل ثانية من وقتهم فكانوا لا يضيعون ثانية من وقتهم ونحن ألان أوقاتنا تذهب سدى ولا ننظمه.
[*] • قال الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى: أعرف من يعد كلامه من الجمعة إلى الجمعة.
[*] • وأوصى بعض السلف أصحابه فقال: إذا خرجتم من عندي فتفرقوا، لعل أحدكم يقرأ القرآن في طريقه، ومتى اجتمعتم تحدثتم.
[*] • قال الخطيب البغدادي: سمعت السّمسمي يحكي أن ابن جرير مكث أربعين سنة، يكتب في كل يوم منها أربعين ورقة.
[*] • قال التاج السبكي عن الخطيب البغدادي: كان يحاسب نفسه على الأوقات، لا يدع وقتا يضيع بلا فائدة، إما ينسخ أو يدرس أو يقرأ.
[*] • قال الفخر الرازي: إنني أتأسف في الفوات عن الاشتغال بالعلم في وقت الأكل، فإن الوقت والزمان عزيز.