لم يكتشف مرضّه إلا في شهر صفر من العام 1421 هـ، أثناء مراجعته لمستشفى الملك فهد بالرياض، وقد ظل الشيخ - رحمه الله - صابراً محتسباً رافضاً للعلاج الكيماوي، ونزولاً عند رغبة ولاة الأمر بالإلحاح عليّه بالعلاج، سافر إلى بضعة أشهر إلى أمريكا للعلاج، ورغم ذلك لم تفتر عزيمته في سبيل نشر العلم ففي رحلته العلاجيّة تلك، وقبل ستة أشهر من وفاته نظم العديد من المحاضرات في المراكز الإسلامية والتقى بجموع المسلمين من الأمريكيين وغيرهم ووعظهم وأرشدهم كما أمهم في صلاة الجمعة.
وكان يحمل هم الأمة الإسلامية وقضاياها في مشارق الأرض ومغاربها وقد واصل -رحمه الله تعالى- مسيرته التعليمية والدعوية بعد عودته من رحلته العلاجية فلم تمنعه شدة المرض من الاهتمام بالتوجيه والتدريس في الحرم المكي حتى قبل وفاته بأيام.
أصابه المرض فتلقى قضاء الله بنفس صابرة راضية محتسبة، وقدم للناس نموذجاً حياً صالحاً يقتدي به لتعامل المؤمن مع المرض المضني، نسأل الله تعالى أن يكون في هذا رفعة لمنزلته عند رب العالمين.
توفي الشيخ - رحمه الله - يوم الأربعاء 15 شوال 1421هـ وكانت وفاته في الساعة السادسة مساءً بمستشفى الملك فيصل التخصصي بجدّة إثر إصابته بسرطان القولون الذي ظل يعاني منه لفترة طويلة وهو محتسب ذلك عند الله.
قال بعض إخواننا الذي حضورا جنازة الشيخ - رحمه الله -:
هكذا كان مشهد الرحيل ... الذي ودعنا فيه شيخنا ابن عثيمين رحمة الله تعالى عليه ليبدأ فيه رحلة الدار الآخرة.
لقد كان مشهداً يبعث على الرهبة والإجلال لذلك العالم الفذ الذي ملأ الدنيا بعلمه مسموعاً ومرئيّاً ومقروءاً.