وقال بعضهم: وأحسن ما يستدل به على وجوبه قوله تعالى: (ثُمَ أوْحَيْنَا إلَيْكَ ظان أتّبِعْ مِلّةَ إبْرَاهيْمَ حَنيْفاً) وكان من ملته الختان، لأنه أختتن وهو أبن ثمانين سَنة، كما رواه البخاري ومسلم، أو مائة وعشرين كما رواه أبن حبان، أو سبعين كما قاله الماوردي. وفي رواية لأبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل أسلم: " ألق عنك شعر الكفر واختتن ". ولأنه قطع عضو عَذِيْر والعورة تكشف له فدل ذلك على وجوبه. قال أبن شريح وغيره وقيل هو سُنة في حق الرجل والمرأة: لقول الحسن: قد اسلم الناس ولم يختتنوا. وروى أحمد والبيهقي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الختان سنة للرجال، مكرمة للنساء ". ولكنه ضعيف. وقيل: واجب للذكور، سُنة للإناث. قال المحب الطبري: وهو قول أكثر أهل العلم. وإلى قول الحسن أنه سنةٌ ذهب أبو حنيفة.

وقت الختان

أما قبل البلوغ فلا خلاف في عدم وجوبه. وللوجوب بعد البلوغ شرطان أحدهما: عدم الخوف عليه؛ فإن خيف من اختتانه امتنع الثاني: العقل فلو بلغ مجنوناً لم يجب ختانه، وقيل يلزم الولي ختانه في الصغر، ويعفى الأب بتركه حين يبلغ، ويندب تعجله في سابعه لما في الحاكم عن عائشة " أن النبي صلى الله عليه وسلم ختن الحسن والحسين يوم السابع من ولادتهما " وروى الدوري عن علي بن يوسف قال: سمعت مكحولاً يقول: ختن إبراهيم إسحاق صلى الله عليهما وسلم لسبعة أيام. وعن وهب بن منبه قال: إذا ولد المولود كان جسده خدراً سبعة أيام فلو قطع منه بضعه لم يجد له ألماً. وفي شرح التلخيص عن الشيخ أبي علي، أنه يجوز في السابع لأن الصبي لا يطيقه، ولأن اليهود يفعلونه، والأولى مخالفتهم. وتبعه الغزالي في الأحياء. وجزم النووي في التحقيق وغيره فقال: فإذا أخره عن السابع أستحب في الأربعين، فإن أخره استحب في السنة الثالثة عشرة، لما روى الدوري عن مكحول قال: ختن إبراهيم إسماعيل صلوات الله وسلامه عليهما لثلاث عشرة سَنة. والمشهور أنه على الفور، ولا يؤخر إلا لعذر أو حر أو برد. وقد روى الدوري أيضاً عن شرحبيل قال: لما ختنت دخل علي خالد بن عبد الله، قال: أبشر يا أبن أخي فقد طهرك الله عز وجل، فقد بلغني أن الحجر ينجسه بول الأقلف إذا أصابه، أربعين صباحاً.

الضرب بالدف في الختان

وقال البلقيني: ويجوز ضرب الدف في الختان بل يستحب قياساً على العرس لأن عمر رضي الله عنه كان إذا سمع صوتاً أو دفاً أنكره، فإن كان عرساً أو ختاناً أقره، انتهى.

الثامنة:

وليمة المأدُبَة

بضم الدال وفتحها، وهي الضيافة التي تعمل بلا سبب.

قال أبن العماد: سميت مأدبة لاجتماع الناس لها، لأنها تقع على كل طعام يصنع، ويدعى عليه الناس، وخصوصاً الأصدقاء. وروينا عن جابر قال: " جاءت ملائكة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو نائم فقالوا: إن لصاحبكم هذا مثلاً، مثله كمثل رجل بني داراً، وجعل فيها مأدبة، وبعث داعياً، فمن أجاب الداعي دخل الدار وأكل من المأدبة، ومن لم يجب الداعي لم يدخل الدار ولم يأكل من المأدبة. فالدار الجنة، والداعي محمد، فمن أطاع محمداً فقد أطاع الله، ومن عصى محمداً فقد عصى الله، ومحمد صلى الله عليه وسلم فرق بين الناس ".

أنواع من المآدب

وقال البلقيني وما يتخذ بلا سبب مأدبة ثم إن كانت عامة فهي الجفلى يعني بفتح الجيم والفاء واللام مقصوراً، أو خاصة فهي النقرى يعني بثلاث فتحات مقصوراً انتهى. قال طرفة:

نحن في المشتاة ندعوا الجفلى ... لا ترى الأدب فينا ينتقر

وصف قبيلته بغاية الكرم، إذا زمن الشتاء وقت ضيق، ومع ذلك فهم يدعون الناس دعوة الجفلى. وقوله لا ترى الأدب أي متخذ المأدبة، وقوله ينتقر: أي لا يدعوا دعوة النقرى.

فائدة

الدعوة لغة

دعوة الطعام بفتح الدال، ودعوة النسب بكسرها، هذا قول الجمهور، وعكسه تيم الرباب بكسر الراء فقال: الطعام بالكسر، والنسب بالفتح. وأما قول قُطْرُب في المثلث: إن دُعوة دعوة الطعام بالضم فغلطوه فيه، كذا في شرح مسلم للنووي. وقال البلقيني: والدعوة إلى الطعام بفتح الدال، وفيه لغة بكسرها انتهى.

نكتة

استحباب الإطعام للأصحاب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015