وعندما وصل الرسول – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – إلى يثرب ناصبه يهود العداء لأنهم رفضوا أن يكون النبي الخاتم من غيرهم، وهم من قبل رفضوا أن يؤمنوا بأي نبي من غير بني إسرائيل.
كان عداء اليهود للنبي ودينه يتقلب بين السر والعلن، فهم تارة يُسرون بهذا العداء ويكتمونه، وتارة أخرى يجهرون به ويعلنونه، وكان من بينهم نفر أبوا أن يسروا عداءهم، فأعلنوه وجاهروا به وبالغوا فيه، وكان هؤلاء النفر من العرب الذين دانوا باليهودية وآمنوا بها، وعلى رأس هؤلاء كان أبو عفك ومثله كان كعب بن الأشرف، فأبو عفك أوسي وكعب بن الأشرف طائي!
كان الموقف المنطقي لليهود أن يؤمنوا بالرسول – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وهو مكتوب عندهم في التوراة. .
وكان الموقف المنطقي لهم اذ لم يؤمنوا أن يكونوا للنبي حلفاء، فهم أهل كتاب والرسول صاحب كتاب. . .
وكان الموقف المنطقي لهم، إذ لم يفعلوا هذا أو ذاك أن يحفظوا حق الجوار، فالرسول – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – جار لهم في المدينة، وكان عليه الصلاة والسلام خير من حفظ الجوار ورعاه.
ولكن اليهود، كعادتهم، لم يكونوا منطقيين مع أنفسهم أو مع الأحداث التي تدور من حولهم، فقد انكروا رسالة الرسول، وحالفوا المشركين ضد الموحدين، واختاروا الوقوف إل جانب مشركي مكة، على بعد الشقة بينها وبين المدينة، ضد من جاورهم من المسلمين في يثرب.