أنه سأل عبد الله بن سلام عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أنا أعلم به مني بابني. قال: ولم؟ قال: لأني لست أشك في محمد أنه نبي، فأما ولدي فلعل والدته خانت. فقبل عمر رأسه. وجاز الإضمار وإن لم يسبق له ذكر، لأن الكلام يدل عليه ولا يلتبس على السامع، ومثل هذا الإضمار فيه تفخيم وإشعار بأنه لشهرته وكونه علماً معلوماً بغير إعلام. وقيل: الضمير للعلم، أو القرآن، أو تحويل القبلة ...

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (وقيل: الضمير للعلم أو القرآن أو التحويل). روى الإمام عن ابن عباس والمفسرين أن الضمير راجع إلى أمر القبلة، يعني: علماء أهل الكتاب يعرفون أمر القبلة التي تقلبك إليها كما يعرفون أبناءهم، وقال الإمام: "الأصل في الضمير أن يرجع إلى أقرب المذكورات وهو العلم في قوله: (مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنْ الْعِلْمِ)، والمراد بالعلم: النبوة، كأنه قيل: يعرفون أمر النبوة كما يعرفون أبناءهم، وأما أمر القبلة فهو ما تقدم".

وقيل: لو كان الضمير للقرآن لوجب أن يقال: يعرفونه كما يعرفون التوراة، رعاية للمناسبة، فلما قيل: كما يعرفون أبناءهم عرف أن الضمير للرسول صلى الله عليه وسلم، وإليه الإشارة بقوله: " (كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ) يشهد للأول"، قالوا: في قوله: "جاز الإضمار وإن لم يسبق له ذكر" نظر؛ لأن من ابتداء قوله: (سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ) إلى هنا قد تكرر الخطاب مع النبي صلى الله عليه وسلم نحو: (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ)، (وَلَئِنْ اتَّبَعْتَ)، (مَا جَاءَكَ)، و (إِنَّكَ) نعم، فيه التفات من الخطاب إلى الغيبة، فكيف يقال: "وإن لم يسبق له ذكر؟ " فيقال: لم يسبق له ذكر يعني: في كلام ورد في شأنه صلوات الله عليه وسلامه؛ لأن الخطاب معه صلوات الله عليه تابع لأمر القبلة، فإن الآيات السالفة وردت في شأن القبلة، وهذه في شأن نفسه صلوات الله عليه، فليس بينهما مناسبة، ومن ثم ابتدأ بقوله: (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ) من غير عاطف، فلو رجع الضمير إلى المذكور السابق لأوهم نوع اتصال ولم يحسن ذلك الحسن.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015