وتهييج وإلهاب للثبات على الحق. فإن قلت: كيف قال: (وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ) ولهم قبلتان؛ لليهود قبلة، وللنصارى قبلة؟ قلت: كلتا القبلتين باطلة مخالفة لقبلة الحق، فكانتا بحكم الاتحاد في البطلان قبلة واحدة.

[(الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ* الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنْ الْمُمْتَرِينَ* وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَاتِ بِكُمْ اللَّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) 146 - 148].

(يَعْرِفُونَهُ): يعرفون رسول الله صلى الله عليه وسلم معرفة جلية يميزون بينه وبين غيره بالوصف المعين المشخص. (كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ) لا يشتبه عليهم أبناؤهم وأبناء غيرهم. وعن عمر رضي الله عنه:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قبيل الأول، وإن لم ترد المخاطب كان من قبيل الثاني، وأما التهييج فلأنه جل منصب الرسالة من ركوب الشنعاء فيكون سبباً لمزيد الثبات على الطريق المستقيم، كقوله تعالى: (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) [الزمر: 65].

قال القاضي: أكد الله تهديده وبالغ فيه من سبعة أوجه، وقيل: الوجوه: لام القسم، و"إن" واللام في خبرها، والجملة الاسمية، والتعبير بـ "إذاً"، ونسبة الظلم إليه، وجمعه، واستغراقه.

قوله: (وتهييج وإلهاب)، الأساس: ألهبته الأمر: أردت بذلك تهييجه وإلهابه، الجوهري: هاج هائجه، أي: ثار غضبه.

قوله: (كلتا القبلتين باطلة مخالفة لقبلة الحق، فكانتا بحكم الاتحاد)، الانتصاف: مثله (لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ) [البقرة: 61] مع أنه منٌّ وسلوى؛ لأنهما من طعام المترفه.

قوله: (المعين المشخص). يروى بكسر الياء والخاء عن الأصل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015