اختصاصهم بكون الرسول شهيداً عليهم. (الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا) ليست بصفة للقِبلة، إنما هي ثاني مفعولي "جعل"، يريد: وما جعلنا القبلة الجهة التي كنت عليها، وهي الكعبة؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي بمكة إلى الكعبة ثم أمر بالصلاة إلى صخرة بيت المقدس بعد الهجرة؛ تألفاً لليهود، ثم حول إلى الكعبة، فيقول: وما جعلنا القبلة التي يجب أن تستقبلها الجهة التي كنت عليها أولاً بمكة، يعني وما رددناك إليها؛ إلا امتحاناً للناس وابتلاء؛ (لِنَعْلَمَ) الثابت على الإسلام الصادق فيه ممن هو على حرف ينكص (عَلَى عَقِبَيْهِ)؛ لقلقه فيرتد، كقوله: (وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلاَّ فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا) الآية [المدثر: 31]،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (اختصاصهم بكون الرسول شهيداً عليهم) وهو من باب قصر الفاعل على المفعول، أي: لا تتجاوز تزكية الرسول صلى الله عليه وسلم والشهادة بعدالة أحد سواهم.

قوله: (التي يجب) بالجيم، وفي نسخة: بالحاء المهملة، وهي صفة القِبلة.

قوله: (الثابت على الإسلام). معناه: الثابت على الصراط المستقيم الذي هو وسط بين طرفي الإفراط والتفريط، دل عليه قوله: "ممن هو على حرف" أي: على طرف من طرفي العدل، وليس في الوسط، فيزل بأدنى شيء.

قوله: (ينكص (عَلَى عَقِبَيْهِ)). ينكص: خبر بعد خبر، والنكوص: الإحجام عن الشيء، الراغب: إن قيل: كيف يتصور حقيقة انقلاب الإنسان على عقبيه؟ الجواب من وجهين:

أحدهما: أن الإنسان متدرج في الفضيلة واكتساب المعرفة درجةً درجةً إلى حين الكمال، فإن حكمه في بطن أمه حكم النبات، ثم يصير في حكم الحيوان، ثم بعد الولادة يصير في حكم الإنسان باكتساب العلم والعمل حتى يرقى إلى أعلى المدارج، ومتى اخل بمرتبة وصل إليها ورجع عنها فقد انقلب على عقبيه.

وثانيهما: أن الله تعالى أنشأ الأديان، فما زال يتمها شيئاً فشيئاً حتى كملها بنبينا صلوات الله عليه كما قال تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) [المائدة: 3]، فمن أنعم عليه بأن أوجده بعد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015